الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ ساعة ٠٣:٥٩ مساءً

التخلي عن عنصر القوة مقابل وعود هشة ..

د. ياسين سعيد نعمان
السبت ، ٢٩ فبراير ٢٠٢٠ الساعة ٠٤:١٠ صباحاً

ملاحظات على هامش بيان لقاءات الأردن..

لنتذكر أن مباحثات السلام في استوكهولم ، وما خرجت به من اتفاقات ، كانت قد وصفت بأنها محطة على طريق الحل الشامل .. ذلك ما خاطب به الجهد الدولي العالم يومذاك ، وما حشد ونظر له الكثيرون بعناوين "إنسانية"، وأخرى سياسية أكدت التزام الحوثيين للمبعوث الدولي بالانسحاب من الحديدة وموانئها مقابل أن يوقف الجيش الوطني زحفه لاستعادتها بالقوة . 

الحميع يعرف أن تحقيق هذا الهدف كان قاب قوسين أو أدنى ، وهو الذي كان سيغير مجرى الأحداث بالكامل .

لم تكن المباحثات مجرد محاولة دبلوماسية لبناء الثقة كما يراها هؤلاء اليوم .. لقد كانت ، كما قالوا بومذاك ، محطة هامة على طريق الحل السلمي . وشتان ما بين الإثنين . 

وعندما أفشل الحوثيون هذه المحطة ، ونقضوا إتفاقهم بشأنها ، كتأكيد على موقفهم المناهض للسلام ، أخذوا يصنفونها بأنها مجرد مشاورات لبناء الثقة ، وهم الذين نظروا إليها يومذاك على انها محطة نحو السلام .

أمر غير مفهوم بالمرة أن تتحول من محطة للسلام إلى مجرد مشاورات لبناء الثقة ، وخاصة من قبل بعض ممن يتمتعون بموقف محترم لا يخالطه الشك .

كان بعض من هؤلاء قد انتقد ما أبديناه من محاذير تتعلق بدواعي أن تقدم الدولة تلك التنازلات في أهم الجبهات التي كانت تشكل مصدر قوتها في المواجهة مقابل وعود هشة . وعندما جادلناهم يومها بحقيقة أن ما تقدمه التجارب البشرية من نماذج لمقاربات تاريخية ، تم فيها التمسك بنقاط القوة ، هو ميراث لا يجب تجاهله في مثل هذه المنعطفات الحاسمة ، رد علينا البعض أن شروط تحقيق السلام قد نضجت في هذه الجبهة ، وأنه من الضروري التقاط اللحظة .

انتظرنا هذه اللحظة ، فإذا بالحديث عن السلام قد أخذ ينقلب ضداً على كل ما بشر به هؤلاء ، وخاصة بعد أن سخر الحوثيون من الاتفاق ، وقمعوا حجور ، واستولوا على العود ، وهاجموا الضالع والزاهر في البيضاء ، وأشعلوا معارك نهم والجوف ، وتبنوا خطة عسكرية شاملة للانتقام لمقتل سليماني .

ما أتمناه هو أن يعكس هذا التقييم الذي انزلق إليه هذا البعض " المحترم" جانباً من الارتباك العام الذي يمكن تصحيحه بالنقاش والمراجعة ، حتى لا يبدو وكأن سخرية الحوثيين من الاتفاق قد وجدت الغطاء لمواصلة عبثها .