السبت ، ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ ساعة ١١:١٣ صباحاً

ليس من مصلحتك كداعية للسلم أن تؤسس مشروعية لاستمرار الحروب

د. ياسين سعيد نعمان
الجمعة ، ٢١ فبراير ٢٠٢٠ الساعة ٠٥:٢٧ صباحاً

خلص المبعوث الأممي إلى اليمن في نهاية إحاطته المقدمة إلى مجلس الأمن، اليوم الثلاثاء الموافق ١٨ فبراير ٢٠٢٠، إلى الإعلان صراحة، وبدون مواربة، إلى أن خطته في بناء حل تراكمي للمشكلة اليمنية، يبدأ من الحديدة (اتفاق استوكهولم)، قد تعثرت، وأنه كما قال:

"حان الوقت، سيدي الرئيس، لنستذكر عناصر تلك الرؤيا، وهي حكومة وعملية انتقال سياسي تشمل الجميع بشكل حقيقي، وقطاع عسكري وأمني يحمي اليمنيين، وفرصة لإعادة الإعمار، وتنشيط مؤسسات البلاد وازدهارها".

ويختتم: "يتم اتهامي بفروغ الصبر أحياناً، ونحن نرى السبب الآن، إن التردد في سلك المسار السياسي يسمح بعلو أصوات الحرب".

مع كل الاحترام للسيد المبعوث وجهوده، لديّ الملاحظات التالية:

- كنت أتمنى لو أنه خفض قليلاً من بلاغة الخطاب، وركز على متطلبات السلام التي كان مجلس الأمن، في قراراته السابقة، قد أكد عليها كأساس لحل المشكلة، والانطلاق منها في الإحاطة والتقييم.

- الطريق إلى السلام الذي يحقق الاستقرار في اليمن، بعد كل هذه المأساة والتضحيات التي قدمها اليمنيون، تحتاج إلى مصارحة الأطراف كلها بحقيقة أن ما توافق عليه اليمنيون لا يمكن أن يلقى جانباً، ونبدأ من الصفر لتبرير انقلاب الحوثيين وإكسابه المشروعية، في مخالفة واضحة لإدانة المجتمع الدولي لذلك الانقلاب.

- لا أشكك في الجهد الذي يبذله المبعوث لإنهاء الحرب وتحقيق السلام، مع ما يحيط جهوده من تعقيدات وإرباكات، إلا أن هذا الجهد لا يجب أن يذهب بالمشكلة إلى المستوى الذي يتقرر فيه الحل بمعطيات وشروط الأمر الواقع، الذي يعمل الانقلابيون على فرضه باستمرار خياراتهم العسكرية. وبإمكانه متابعة هذا المسعى، منذ ما بعد استوكهولم، وتقييمه موضوعياً، ليعرف أين تكمن المشكلة!!

- استوكهولم محطة هامة لمعرفة رغبة الانقلابيين في تحقيق السلام، ولا يمكن لأي حكومة تحترم خيارات شعبها وتضحياته أن تقبل تحويل هذه المحطة الهامة، التي قدمت فيها التنازلات الكبيرة من أجل السلام ، إلى أضحوكة يتسلى بها الانقلابيون بتلك الطريقة التي شهدها العالم بخصوص الانسحاب الذي نصت عليه الاتفاقية. وبالتأكيد فإن المطلوب من السيد المبعوث أن يقيمها قبل الحديث عن الانتقال إلى مشروع آخر، لينسجم عمله مع متطلبات بناء أسس قوية لهذا المشروع.

- لا أعتقد أن المبعوث بخبرته يجهل حقيقة أن الذين انقلبوا على السلام، وعلى التوافق السياسي الوطني، وارتكبوا جريمة إغراق اليمن في هذه المأساة، إنما يبحثون عما يغطي سوأتهم باتفاق سياسي يبرر ما عملوه، وهم لهذا مصرون على أن يحافظ "الحل السياسي" على انقلابهم، ليبدو وكأنه فعل مشروع. لا يجب يا سيادة المبعوث أن تكون مبادرتك استجابة لهذا المنحى، الذي فيما لو تحقق، فإن اليمن لن يشهد سلاماً.. فالاتفاق هنا لن يؤسس سوى مشروعية الانقضاض المستمر على السلام بدوافع تجسد نفس الدوافع التي تم بموجبها الانقلاب. وليس من مصلحتك أن يقال إن جريفتس، رجل السلام المعروف، قد أرسى قواعد لحرب دائمة في اليمن.

- أعرف أن مهمتك صعبة ومعقدة، ولكن خير لك أن تقول في هذه اللحظة الحاسمة ما هي حاجة اليمن إلى الاستقرار، كما تراها، بعد هذا المشوار الطويل لعملك، دون اعتبار لأي رغبات تتعارض مع ذلك. في ضوء ذلك نستطيع أن نناقشك بوضوح، لأن الموضوع سيكون حاجة اليمن واليمنيين، لا حاجة الدبلوماسية الدولية لنجاح من أي نوع كان.