في الفترة ١٩٩٥ ظهر الانترنت, و الذي ربط الوثائق ببعضها عن طريق الوسائط الفائقة. لم تمر ٥ سنوات حتى ظهر الجيل الاول للشبكة العنكبوتية مستخدم الوسائط المتعددة مما اتاح ظهور شركات مثل جوجل متخصصة في مجال الإعلان المرتبط بخدمات البحث على الإنترنت بايرادات بلغت ٤٠ مليار دولار فقط في ٣ اشهر اي الحديث عن ١٥٠ الى ١٦٠ مليار دولار في السنة الاخيرة. بعدها ب ٥ سنوات كان ميلاد الوسائط الاجتماعية بناء على الوسائط المتعددة, و الذي يعتبر الجيل الثاني في شبكة الويب اي الإنترنت. في هذه الوسائط تم ربط البشر مع بعضهم. هنا كان ميلاد شركات لم يخطر ببال احد منا تشكل عالمنا و سلوكنا مثل فيس بوك و يوتوب و غيرها. ميلاد شركات جديد يعني القضاء على الشركات القديمة الغير قادرة على المنافسة مثل انتهاء شركة كودك للكاميرات رغم انها هي من اخترعت الكاميرات الرقمية و انتهاء شركات صناعات افلام الكاميرات و شركات كفيلا للمبيعات و نوكيا و شركات صناعات الفكسات وغيرها الكثير .
بعدها كان الجنس البشري على موعد مع الجيل الثالث للويب اي الانترنت بتوسع الوسائط الاجتماعية الى الشركات و ظهور اقتصاد جديد يظهر جليا في جهاز التلفون الذي معك, و الذي ربط شركات مختلفة مثل جوجل واتس اب و توتير وفيس بوك وغيرها. هذا كله كان حالنا فقط الى الويب الثالث اي عام ٢٠١٠ , و الذي غلب عليه الخصوصية بعد ان صار المستخدم هو من يشكل ذلك عن طريق الابس اي برامج الاستخدمات. هذا التلفون الذي معك قضى على شركات او اقلها حجمها مثل شركات صناعات المصابيح لانه عنده لمبة و شركات الكاميرات لانه عنده كاميرا وعلى شركات طباعات التقويمات و المواعيد مثل الكتيبات و الساعات و على شركات الالعاب الالكترونية, و التي نسميها اتاري و شركة طباعة تذاكر القطارات و الطائرات, لان التذاكر صارت مخزنة, و على شركة صناعات الراديوهات و على الصحف المطبوعة اليومية و على كتلوجات الاعلانات وعلى دور النشر, و التي تقلص عملها و غيرها اي هذا التلفون وقف عالم من الموظفين و الشركات خارج سوق العمل و السبب اللعين لذلك الداروينية الرقمية بناء على كمية المعلومات الرقمية واهميتها .
بعدها دخل الغرب في عام ٢٠١١ ابواب ثورة جديدة اسمها الثورة الصناعية الرابعة, و التي تعتمد على وسائط جديدة تسمى سيبر فيزك سيستم و انترنت الاشياء, التي تتخاطب و تتفاهم عبر وسائط متعددة دون التدخل المباشر للبشر, اي تتيح للإنسان التحرر من المكان, اي ان الشخص يستطيع التحكم في الأدوات من دون الحاجة الى التواجد في مكان محدد للتعامل مع جهاز معين و هنا سوف يتغير النظام الاقتصادي العالمي بناء على كمية المعلومات الرقمية و فهمها و تسويقها, و التي ليس بالسهولة تحليلها بسبب الكم الهائل من دون قواعد تعليمية و تواصل عالمي و معرفي كبيرة.
كمية المعلومات الرقمية التي نتوقعها هذه السنة تصل الى مايقارب من ٥ اضعاف ما كان في ٢٠١٦ و١١ ضعف ماكان في ٢٠١٢ اي نتحدث عن ٣٥ تسيتا بيت, اي لتخزين معلومات حجمها ١ تسيتا بايت يجب ان يكون معك ٩٠٩ مليون محرك من الأقراص الصلبة القياسية للتخزين بسعة ١ تيرا بايت. و التيرا بايت الوحد يمكن ان تخزن عليه ١٢٥٣ فلم سينمائي بحجم ٧٩٨ ميجا بايت. المعلومات التي يتم استغلالها اقتصاديا و بيعها هي مقدار ١ و ان كثرت فهي لن تتجاوز ٣ في المائة من الموجود اصلا, و التي سوف تنتج هذه السنة من ما يقارب ٥٠ مليار جهاز في هذا العام ويتوقع ارتفاع عدد الاجهزة الى ٥٠٠ مليار جهاز في ٢٠٣٠ برغم ان سكان العالم ٧ مليار و ٣٠٠ مليون شخص تقريبا. و بما ان المعلومات ثروة هذا القرن الاقتصادية فالبنية التحتية للاقتصاد القادم هو شبكات انترنت لنقل الثروة اي انتاج و تحليل و ارشفة و تسويق و بيع المعلومات. بيعها يعني ثروة اكبر من الثروات الطبيعية كالغاز والنفط. ف شركات معلومات مثل جوجل و فيس بوك و امزون و غيرها تقدم خدمات, قيمتها في سوق الاوراق المالية اكثر من قيمة شركات صناعات السيارات الخمس في المانيا, التي تنتج سيارات مثلا. الاقتصاد العالمي يتغير بشكل اسرع مما نتخيل و يتجه بشكل اسرع من ما كنا نتوقع الى اعماق الثورة الصناعية الرابعة, و التي سوف تؤدي الى انهيار مجتمعات حتى انها سوف تبيع كل ما تحت يدها لكي تستمر كمستهلك.
من ينتج المعرفة من الشعوب هم من ياخذ الربح و السبب انهم هم من يتحكم بالاسواق و الاقتصاد و الاعمال والصناعة و الامكانيات و حتى ثروات و سلوك و متطلبات البشر و ميولهم و توجيه اهتمامهم, اي مهما بذلت من جهد و تعب دون علم و معرفة "كدولة" او "كشخص" او "كيان اقتصادي" لن تكسب الا بقدر ما يكسب المزارع للقطن في ازبكستان ٤٥ سنت من قيمة الت- شيرت "قميص ذو كمين" او ما يكسب الخياط في بنجلادش ٢٥ سنت مع العلم ان الت- شيرت تشتريه ب ٩ يورو, فذهب الجمل بما حمل لشعوب المعرفة.
و اخيرا الاطفال في اوروبا لا يعرفون العلاقة بين هذه الاشياء في الصورة لكن اهمالنا لمتطلبات العصر و عالم الانترنت وعدم التركيز على التعليم سوف تجعلنا نجد حالنا بنفس السياق مقارنة للغرب اي نعود لادوات الماضي كون لانحسن غيرها لكي نرسل اشارة او رسالة لبقية البشر في عالم الثورة الصناعية الرابعة نستجدي سلة غذاء أو مساعدة نستهلها كما السابق "ب اهدي سلامي و تحياتي...."!!