وداعا اخي
في يونيو عام ١٩٧٤م لما تقدمت الى مجلس قيادة حركة الثالث عشر من يونيو بقيادة العقيد ابراهيم محمد الحمدي بصفتي رئيسا للجنة العليا للمتابعه الماليه والاقتصاديه للمجلس الجمهوري المستقيل. بمشروع انشاء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبه والنيابه الاداريه والمحكمه التاديبيه، وقلت لهم ان اردتم التصحيح كما هو شعاركم فهذه وسيلة تحقيقه على المدى الحاضر والمستقبل للوطن فاقروه وعينت رئيسا للجهاز...
كان لابد من التثبت الكامل من حسن اختيار من يعمل به في كل وظائفه الفنيه والاداريه وحتى الخدميه فاسقبلت اللجنه المختصه بقبول المتقدمين للعمل ومراجعة مؤهلاتهم وخبراتهم الى اخر الشروط لكنه كان لابد من ان اقوم بمقابلة كل متقدم على انفراد وبدون مشاركة اللجنه خاصة وان التعيين والبت فيه بقرار من رئيس الجهاز فقط ولا علاقة للهيئه العامه للخدمة المدنيه او لجهاز الامن السياسي او لوزارة الماليه بالقبول من عدمه...
كان من المتقدمين حسن احمد اللوزي...راجعت ملفه وتحدثت معه لأعرف من هو ..لم تكن من تحرياتي عن المتقدم عن اسرته او منطقته او مذهبه او حتى عن انتماءه السياسي..بل ماهي اهتماماته ان كان له موهبة تحتل تطلعاته وما هو العمل الذي يميل اليه...اطلعني على بعض كتاباته ومنها في مجلة المنار اثناء دراسته في القاهره وعلى بعض اشعاره الحديثه..ادركت للوهله الاولى انه من المفيد جدا ان يكون من كفاءات الجهاز واوكلت اليه العلاقات العامه في مكتب رئيس الجهاز لصلة العمل بالصحافه والمجلات وما يمكن ان يصدر عن الجهاز والاتصال بالراي العام عن مفهوم الرقابه والمحاسبه في مرحلة التاسيس بل مرحلة العطاء...وهو ما تم له ثم تولى مدير لمكتب رئيس الجهاز...
ولما عينت وزيرا للاعلام في يناير ٧٦ اخترنا الاستمرار في زمالتنا في العمل الجديد ولتتطور مهمته من العلاقات العامه في الجهاز الى العلاقات العامه الاوسع في وزارة الاعلام...فبعد ان تقدمت الى مجلس القيادة بقانون اعادة تنظيم الوزاره لتتحول الى وزارة للاعلام والثقافه ولانشاء المؤسسات الاعلاميه والسياحيه اذاعة وتلفزيون صحافه وانباء وسياحة..تم اخيار الشاعر المرحوم حسن اللوزي وكيلا للوزارة لقطاع الاعلام واختيار الاديب المرحوم زين السقاف وكيلا للوزارة لقطاع الثقافة وهكذا وجد نفسه مع زملاء جدد منهم من كان زميلا له في الدراسه كالاستاذ علي صالح الجمره ..
الاديب المرموق والكاتب المناضل عبدالباري طاهر تعرفت عليه من خلال المرحوم اخي الاديب حسن اللوزي اثناء عملنا في الجهاز وجمعتني بهما لقاءات متواصله بل ان منشورات وادبيات حزب العمل كان يوافيني بها الصديق عبدالباري عبر الصديق حسن ولما كنت اطلع عليها وجدت فيها افكار وطنيه مخلصه فلماذا تبقى في السر ليقدمها عبر الصحيفه الرسميه الثوره وجئت به الى الصحيفه عضوا في التحرير مع مدير التحرير الصوره الوحدويه الكفؤه الاستاذ محمود الحاج ولما حدث لهما ما حدث اثناء عملهما هذا من زوار الفجر ..وبتلك الصوره القسريه قلت للرئيس الشهيد الحمدي تلفونيا احدثك اخي الرئيس من بيتي وليس من مكتبي ..مالم تنزع القفاز من يدك اليمنى فلن تتمكن من ان تلمس الخطوه الاولى للتصحيح فاطلقهما وعدت لمواصلة المعركه مع الزملاء ومنهم الاساتذه حسين محمد عبدالله، عبدالكريم الرازحي، محمد علي الشامي، واسماعيل الوريث، وعبدالرحمن بجاش، وابراهيم المقحفي، ومنبه ذمران، ومحمد عبدالجبار ، وامثالهم كثر.
ولما اصريت على استقالتي في منتصف عام ١٩٧٧م ولم يعين الرئيس الحمدي من يخلفني وكانت التوقعات بانه من نشرهم وغرسهم العرشي في الاجهزه الاعلاميه والثقافيه ومنهم الفقيد حسن اللوزي لابد من طمأنتهم ليستمروا في العمل بايجابيه فتم تعيين الوكيل حسن اللوزي نائبا للوزير ..وتجددت زمالتي له بعودتي لوزارة الاعلام والثقافه حتى استقلت في اخر عام ١٩٨٠م..
لقد توسعت مهمة المرحوم وازداد عطاءه في المجالين الاعلامي والثقافي وبقي وزيرا لهذا المجال لسنوات طويلة قبل استعادة الوحده وبعدها حتى عام ٢٠١٢م.
لم ينقطع تواصلنا شبه اليومي وهو في عمان ثم القاهره وكان من اخر رسائله عبر الواتس قبل ان يقع في قبضة كورونا في ٢٢ يونيو ٢٠٢٠ قال لي فيها بالنص(انا اعتز بمدرستكم العظيمه التي تعلمت فيها الكثير واظل افاخر بها كلما لاح سبب او جاء ذكركم انتم ومعلمي الدكتور عبدالعزيز المقالح بعد والدي يرحمه الله رحمة الابرار ويسكنه الفردوس الاعلى والله يحفظكم ويرعاكن ويتولاكم بعين عنايته)
تابعت اخبار مرضه بقلق حتى فوجئت بخبر وفاته فوجدت نفسي اكتب له رسالة اخيره قلت فيها (انا لله وانا اليه راجعون اختارك الله الى جواره ...افتقدتك.. وحتى نلتقي في رحاب الرحمن الرحيم الغفور).
يحي حسين العرشي