في القرن العاشر الهجري، حينما كانت تتساقط كل مدن اليمن ومناطقها وقراها من صعدة الى عدن على يد المطهر بن شرف الدين سنة 945 هجرية تقريبا، كانت نفس ظروف اليمن الحالية وأشد تنكيلا. بقيت مدينة زبيد فقط تحت حكم بقايا المماليك وقليل من العرب (اليمنيين) الذين هربوا من بطش المطهر من تعز، وتحصن الجميع بقلعة زبيد، وكان قائدها يومها رجل من بقايا المماليك اسمه أحمد الناخوذة، والناخوذة تعني (ربان السفينة). حاصر جيش المطهر مدينة زبيد حصارا مطبقا، وكان قوام جيشه عشرين ألف مقاتل؛ فرسانا وعلى الجمال بقيادة علي الشويع، ومزودين بالسلاح الحديث الذي لم تكن تعرفه اليمن ومعه المدافع التي أخذوها من حلفائهم المماليك الذين قضوا جميعا بتحالفهم على الدولة الطاهرية كآخر دولة سنية لليمن. كان قوام المدافعين عن زبيد 1500 مدافع (ليسوا مقاتلين كلهم، معظمهم متبرعون) منهم 300 فارس والبقية راجلين، ومعهم الرماح والنبل والسيوف وقلة قليلة بالبنادق التي ظهرت في ذلك العصر. اغتر الشويع بقوته واراد اقتحام زبيد؛ فهي آخر المدن اليمنية الباقية التي لم تسقط بيد المطهر (حوثيي ذلك الزمن). مدافعو زبيد تعاهدوا على القتال والدفاع حتى الموت بإمكانياتهم المتواضعة لكن بتخطيط سليم (بذل الأسباب). غيروا مجرى نهر زبيد نحو الأراضي الزراعية حول القلعة وأغرقوها بالماء، ولما تقدم الشويع بجيشه غرقت حوافر خيولهم وأقدام جمالهم ومقاتليهم في الطين، وكان كالشرك المنصوب لم يستطيعوا الخلاص منه، وخرج المدافعون من القلعة وقتلوا ذلك الجيش شر قتلة، وألحقوا بهم هزيمة منكرة، وانتصرت زبيد لكرامة اليمن وثأرت لليمنيين منهم، وعادت بعض كرامة اليمنيين من ذلك النصر. وكسرت هيبة المطهر، وكانت تلك الهزيمة بداية تقهقر وزوال دولة آل شرف الدين، حتى جاء الأتراك ودخلوا اليمن وخلصوها من جبروت وظلم المطهر الذي ارتكب أفظع المجازر التاريخية بحق اليمنيين مثلما فعل الشاه الصفوي الإيراني إسماعيل الصفوي، الذي اقام إيران الحالية على جماجم العرب والسنة والتطهير العرقي المذهبي.
الزمن يعيد نفسه في هذا الزمن وليس عنا ببعيد كانت المليشيات الحوثية بتحالفها مع صالح تساقط المحافظات اليمنية والمديريات والقرى من صعدة إلى عدن، وانبرت ثلة قليلة في مدينة تعز المحاصرة من كافة الاتجاهات بالدفاع عن تعز بإمكانيات بسيطة بدأت ب200 مقاتل بالسلاح الخفيف البندقية يتناوب عليها من 3 إلى 4 مقاتلين، واستطاعوا دحر المليشيات الحوثية من وسط المدينة إلى أطرافها وحرروا المدينة وأنزلوا بالمليشيات الحوثية هزيمة منكرة. العبرة في مثل هذه الأحداث أنه قد يكون النصر في ثغرة بسيطة يستهين بها العدو أو الصديق، مهما عظم جيشه وخَطْبُه وقد يأتي حتفه وهزيمته على أيدي ثلة بسيطة لا يؤبه لها، لكن تكون هذه الثلة نواة صلبة متجانسة صعبة المراس والاختراق تقاتل قتال اليائس من الحياة فينزل الله صبره وظفره عليها ويفتح لها الأمصار قبل أن تتفكك من الداخل أو تتخاذل أو يصيبها العجب والتنازع المؤدي إلى الفشل التام (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).