هل تساءلت يوماً كيف مـات سيدنا آدم ومن غسّله ودفـنه وأين يقع قـ.ـبره؟ القول الأوَّل: إنّ موضع قبر سيدنا آدم -عليه السلام- في جبل أبي قبيس، وهو أقرب الجبال المحيطة بمكَّة المكرمة من النّاحية الشرقيَّة،
حيث يقابل ركن الحَجَر الأسود، فيَظهر ويُرى منه جمال مكّة واتِّساع الحرم الشريف والكعبة المشرّفة، وقد صعد عليه العديد من الصَّحابة -رضوان الله عليهم- ومنهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-،
وتجدر الإشارة إلى أنّ قريش كانت تطلق عليه لقب “الأمين”؛ لأنّ الله -تعالى- كان قد استودع فيه الحجر الأسود زمن الطوفان حتى مجيء سيدنا إبراهيم -عليه السلام-.
القول الثاني: موضع قبر سيدنا آدم -عليه السلام- في منى في مسجد خيف، فعند وفاته -عليه السلام- صلّى عليه جبريل -عليه السلام- بباب الكعبة ثمّ دُفِن في مسجد خيف، وممّن قال بذلك الإمام عروة بن الزبير -رحمه الله-.
القول الثالث: موضع قبر سيدنا آدم -عليه السلام- عند مسجد خيف، فعند وفاته -عليه السلام- قام بدفنه سام بن نوح في ذلك الموضع، وممّن قال بذلك الإمام الذهبي -رحمه الله-.
القول الرابع: موضع قبر سيدنا آدم -عليه السلام- في وادي سرنديب في الهند، وممّن قال بذلك الإمام ابن كثير -رحمه الله-.
القول الخامس: موضع قبر سيدنا آدم -عليه السلام- في بيت المقدس، وممّن قال بذلك الإمام الأزرقي -رحمه الله-.
مدى صحّة تعيين قبر سيدنا آدم أجمع علماء الأمّة على موضع قبر رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّه في المدينة المنورة في حُجرة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وذلك على وجه التحديد واليقين والجزم، فلا يجوز لأحدٍ إنكار ذلك،[٦][٧] أمّا مواضع قبور مَن سواه من الأنبياء والرُّسُل فلم تَثبت وتُعلَم على وجه التحديد واليقين، لِذا فلا يُبدَّع مَن يُنكر موضع قبر لأحدٍ من الرُّسل أو الأنبياء،
باستثناء إنكار موضع قبر إبراهيم -عليه السلام- الكائن في بلده المعروفة في الغار، وتجدر الإشارة إلى عدم تعلّق أيّ نوع من الأحكام الشرعيَّة بمعرفة مواضع قبور الأنبياء والرُّسل.
وفاة آدم عليه السلام كانت وفاة آدم -عليه السلام- في يوم الجمعة، حيث جاءت إليه الملائكة بكفنٍ من الجنّة وصلّت عليه بعد أن كبّرت أربعاً، وقد دلَّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (صَلَّتِ الملائكةُ على آدمَ فكَبَّرَتْ عليه أربعًا وقالت: هذه سُنَّتُكم يا بَنِي آدمَ)،
وهناك عدّة أمورٍ ذَكَرها العلماء في كتبهم وفاة آدم -عليه السلام-، وتجدر الإشارة إلى عدم ورود دليلٍ على ذلك من القرآن والسنة، ونذكر منها ما يأتي:
قال ابن إسحاق: عَمَد آدم -عليه السلام- عندما حضرته الوفاة بتعليم ابنه شيث بساعات الليل والنَّهار والعبادات المتعلّقة بتلك السَّاعات، وأخبره بوقت وزمن الطوفان.
ذكر ابن كثير في كتابه أنّ الشَّمس والقمر كُسِفَ سبعةُ أيامٍ مع لياليها وقت وفاة آدم -عليه السلام-. قال وهب بن منبّه: تولّى شيث -عليه السلام- زمام الأمور بعد وفاة والده آدم -عليه السلام-.
نقل السيّوطي في كتابه الإتقان أنّ آدم -عليه السلام- تُوفّي عن عمر يناهز الألف سنةٍ، وهو ما ذكره النووي، وقال بعض العلماء كابن أبي خيثمة إنّه توفي عن عمر التسعمئة وستين سنةً، وقال بعضهم كوهب بن منبّه إنّه توفي عن عمر التسعمئة والثلاثين سنةً.
ذكر شهاب الدين النويري أنّ حواء تُوفّيت بعد مرور عام على وفاة آدم -عليه السلام-؛ بسبب حزنها الشديد عليه، حيث بقيت عند قبره ولزمته أربعين يوما دون أن تأكل أو تشرب ممّا أدّى لِإصابتها بمرضٍ عُضال أودى بحياتها،
فغسَّلنها بناتها وتمّ تكفينها بكفنٍ من الجنّة ودُفِنَت إلى جوار قبر آدم -عليه السلام-، حيث كان رأسها بمحاذاة رأسه وكذلك رجلاها ورجليه -عليهما السلام-.
فقد جاء في قصص الأنبياء أن الملائكة هم الذين دفنوا آدم- عليه السلام-، وجاء في مسند الإمام أحمد: أن آدم عليه السلام لما حضره الموت قال لبنيه:
أي بني إني أشتهي من ثمار الجنة فذهبوا يطلبون له‘ فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون أو ما تريدون وأين تذهبون؟ قالوا: أبونا مريض فاشتهى من ثمار الجنة،
قالوا لهم: ارجعوا فقد قضي قضاء أبيكم، فجاؤوا، فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال: إليك إليك عني، فإني إنما أوتيت من قبلك خلي بيني وبين ملائكة ربي تبارك وتعالى، فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له وألحدوا له وصلوا عليه، ثم دخلوا قبره فوضعوه في قبره،
ووضعوا عليه اللبن ثم خرجوا من القبر ثم حثوا عليه التراب، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم. وإسناده ضعيف كما قال شعيب الأرنؤوط.
وقال عنه صاحب مجمع الزوائد رجاله رجال الصحيح غير عتبه بن ضمرة وهو ثقة. والله أعلم .