قب أزمة شهر تموز/يوليو 1914 التي اندلعت على إثر حادثة سراييفو (Sarajevo)، أعلنت إمبراطورية النمسا المجر الحرب على صربيا متسببة بذلك في اندلاع الحرب العالمية الأولى. في تلك الفترة، اعتبر القيصر الروسي نيقولا الثاني نفسه حامي الشعوب السلافية. وبناء على ذلك، لم يتردد الأخير في التدخل لصالح صربيا عن طريق إعلان الحرب على النمسا. وبسبب ذلك، تم تفعيل سياسة التحالفات القائمة بأوروبا وهو ما تسبب في تعميم هذا النزاع الذي تحول لحرب وضعت النمسا وألمانيا والدولة العثمانية في مواجهة كل من فرنسا وبريطانيا وروسيا.
اقرأ أيضاً :
عقب الضربات الإسرائيلية.. ماذا حل بميناء الحديدة؟
لأول مرة ...الجيش الامريكي يعلن استهداف مقر القيادة والسيطرة التابع للحوثيين
التراجع الفرنسي البريطاني
بداية من مطلع آب/أغسطس 1914، أعلنت الإمبراطورية الألمانية التعبئة العامة. وخلال الفترة الممتدة بين 2 و17 آب/أغسطس 1914، تمكنت الأخيرة من تجنيد ما يقارب 3 ملايين ألماني قبل أن تتجه نحو استغلال خطوط السكك الحديدية لنقلهم، رفقة معداتهم العسكرية، نحو الجبهة الغربية.
وبفضل هذا التجنيد السريع، تمكنت ألمانيا من إرسال أعداد كبيرة من قواتها نحو الجبهة الفرنسية قبل أن تطلق عملية اجتياح واسعة لأراضي فرنسا. وبناء على خطة شليفن (Schlieffen) التي وضعوها بوقت سابق، اتجه الألمان لشن هجوم سريع داخل الأراضي الفرنسية مرورا ببلجيكا وهولندا ولكسمبورغ.
وبناء على توجهات القيادة العسكرية، حاول الألمان تركيز كامل قواتهم على الجبهة الغربية بهدف هزيمة الفرنسيين والبريطانيين وإسقاط باريس خلال فترة لا تتعدى 40 يوما قبل أن يقوموا فيما بعد بنقل قواتهم، بشكل سريع، نحو الجبهة الروسية لمواجهة جيوش الإمبراطورية الروسية.
وخلال شهر آب/أغسطس 1914، حقق الألمان نجاحات عديدة وتمكنوا، عقب معركة مونس (Mons) ومعركة الحدود، من التوغل بعمق الأراضي الفرنسية. وحسب تقديرات المسؤولين الألمان، طارد الجيش الألماني القوات الفرنسية والبريطانية بعمق 250 كلم داخل الأراضي الفرنسية.
وفي الأثناء، أوقف البريطانيون والفرنسيون انسحابهم عند نهر المارن (Marne). وبذلك، استقر الألمان على بعد 40 كلم فقط من العاصمة الفرنسية باريس.
أكثر من نصف مليون ضحية
مع تواصل تراجع الفرنسيون، وضع البريطانيون خططا للانسحاب من فرنسا عبر الموانئ لإعادة قواتهم نحو الأراضي البريطانية. إلى ذلك، حافظ المارشال الفرنسي جوزيف جوفر (Joseph Joffre) على ثقته بقواته واتجه لجلب مزيد من قوات الاحتياط نحو الجبهة لدمجها مع بقية الكتائب الفرنسية الأخرى.
وبحلول مطلع أيلول/سبتمبر 1914، تفوق البريطانيون والفرنسيون على القوات الألمانية، المتقدمة داخل الأراضي الفرنسية، التي عانت من طول خطوط إمداداتها وتراجع حجم عتادها العسكري. ومستغلا هذا الموقف، وضع الحاكم العسكري لباريس جوزيف غالييني قواته بوضعية قتال استعدادا لمهاجمة الجناح الأيمن للقوات الألمانية المتقدمة
بحلول يوم 4 أيلول/سبتمبر من العام نفسه، أصدر المارشال جوفر أوامره بشن هجوم مضاد لتندلع على إثر ذلك معركة المارن الأولى. إلى ذلك، دارت أغلب المعارك على طول خط امتد لحوالي 230 كلم بين كل من باريس وفردان (Verdun). وبحلو التاسع من الشهر نفسه، ترك نجاح الهجوم المضاد الجيشين الألمانيين الأول والثاني عرضة لخطر التطويق والاستسلام.
وأمام هذا الوضع، تلقى الألمان أوامر بالانسحاب ليبدأ بذلك ما وصف بالانسحاب الكبير. وفي الأثناء، أوقف الألمان انسحابهم على بعد 65 كلم شمالي نهر أن (Aisne) مفضلين التحصن بالمرتفعات لتشكيل خط دفاعي وصد الهجوم الفرنسي البريطاني.
مثلت معركة المارن الأولى، التي استمرت لنحو عشرة أيام، أول المواجهات الكبيرة بالحرب العالمية الأولى. وخلال هذه المعركة التي استمرت لأيام فقط، خسر الألمان 260 ألف جندي بين قتيل وجريح بينما بلغت الخسائر الفرنسية 250 ألف عسكري بين قتيل وجريح. ومن جهتهم خسر البريطانيون، أكثر من 12 ألف جندي بين قتيل وجريح.