حتى التمر ربما سيفقد مكانه المعتاد على مائدة الإفطار اليمنية خلال شهر رمضان هذا العام، بفعل ما تشهده أسواق البلاد من ارتفاع كبير لأسعار المواد الغذائية، تزامناً مع تقلص المعروض منها من الأصل، بجانب تدهور القدرة الشرائية لملايين المنكوبين بالصراع الدائر في اليمن منذ عقد كامل من الزمان، فضلاً عن آثار الهجمات التي تشنها جماعة «الحوثي» حالياً، على حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
فالتبعات الناجمة عن هذه الاعتداءات وتواصل الصراع، تزيد الضغوط الملقاة على كاهل اليمنيين، ممن تراجعت قدرتهم على تدبير احتياجاتهم الأساسية خلال شهر الصوم الذي بدأ لتوه، وذلك بسبب عجز كثيرين منهم عن كسب قوت يومهم، أو عدم تقاضي آخرين رواتبهم، جراء الشلل الذي يضرب العديد من المؤسسات، على وقع استمرار الأزمة الداخلية، منذ أواخر عام 2014.
وتتفاقم معاناة ملايين السكان، إثر تأثر كمية البضائع الواردة بحراً إلى اليمن، مع تصاعد الاعتداءات الحوثية على السفن المارة في مضيق باب المندب، دون اكتراث بتردي الوضع المعيشي والإنساني لليمنيين الذين أفاد تقدير أممي صدر الشهر الماضي، بأن نصفهم تقريباً، أو ما يزيد على 17.5 مليون منهم، سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، خلال العام الحالي.
وفي ظل الانهيار المستمر في قيمة العملة المحلية، إلى حد جعل سعر صرف الدولار الأميركي الواحد يصل قبل أيام قليلة إلى ما يُقدر بـ 1640 ريالاً يمنياً في بعض المناطق، بات شراء احتياجات رمضان تحدياً حقيقياً بالنسبة للكثير من اليمنيين، الذين اضطرت الغالبية العظمى منهم إلى الاكتفاء بشراء المواد الضرورية للغاية، واستغنى بعضهم عن مستلزمات طالما شكلت صنفاً رئيساً على المائدة الرمضانية، ومن بينها التمر.
فبحسب التقديرات، ارتفعت أسعار الغذاء في الأسواق اليمنية مؤخراً، بنسبة تصل إلى 15%، ما قاد إلى أن يزيد سعر اللتر الواحد من زيت الطعام ليصل إلى ما يوازي دولاريْن أميركييْن، في حين أصبح الدقيق، يُباع بأكثر من دولار واحد لكل كيلوجرام، وذلك في وقت لا يتجاوز فيه متوسط الدخل الشهري في اليمن 60 دولاراً.
وأدى ذلك إلى أن يلجأ عدد لا يُستهان به من المستهلكين في مدن يمنية مختلفة إلى شراء احتياجاتهم من بعض المواد الغذائية الأساسية، بمئات الجرامات لا بالكيلوجرامات، كما كانوا يفعلون من قبل، بجانب تركيز الكثيرين منهم على البحث عن أي عروض متاحة في بعض محال البقالة، لبيع المنتجات بأسعار مُخفضة.
ووسط هذه الأجواء، يشكو مواطنون يمنيون من ارتفاع جنوني للأسعار، خلال رمضان الحالي تحديداً، مشددين على أن ذلك يجعل الأسر ذات الدخل المتوسط، غير قادرة سوى على توفير النفقات اللازمة للحصول على الأساسيات، دون القدرة على التفكير في أي سلع كمالية، كانت من بين السمات المتعارف عليها لشهر الصيام.
شدد هؤلاء، في تقرير مصور بثته شبكة «دويتشه فيله» الإخبارية الألمانية على موقعها الإلكتروني باللغة الإنجليزية، على أنهم أصبحوا الآن يشترون ما يستطيعون تحمل تكلفته من المنتجات الغذائية، مثل المعكرونة وبعض المواد القليلة الأخرى، بغض النظر عما كانوا يريدون الحصول عليه بالفعل.