السبت ، ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ ساعة ٠٢:٥٠ صباحاً

"الإيموجي"... لغة العصر الرقمية

طغت الرموز التعبيرية الملوّنة (الإيموجي) على أنماط تفاعل الناس فيما بينهم، إذ باتت الغالبية تستخدمها عوضاً عن الكلمات أو اختصاراً لها أو لجُمَلٍ بأكملها، للتعبير عن حالتهم أو التعليق أو المشاركة، خصوصاً على منصات التواصل الاجتماعي وفي الرسائل النصية.

الإيموجي... يابانية الأصل ووظّف أغلب مستخدمي منصات التواصل الرقمي باختلاف اللغات التي يتحدثون بها (الإيموجي) في وسائل التواصل الاجتماعي ونصوص البريد الإلكتروني وتطبيقات المحادثات الفورية، مثل "واتساب" و"سناب شات" ليعبروا بها عن عواطفهم أو أماكن تواجدهم بطريقة تصويرية. الإيموجي يابانية الأصل، ظهرت بأشكالها في تسعينيات القرن الماضي من قِبل مصمم الواجهات الياباني شجيتا كوريتا للمساعدة في التواصل بشكل أسرع بين الناس، وسرعان ما وجدت طريقها إلى شركات التقنية الكبرى التي أصبحت تتنافس فيما بينها.

تلبية لرغبة المستخدمين

وبحسب عبد العزيز الحمادي أحد المهتمين بالوسائط الرقمية “يوجد حتى اليوم أكثر من 3000 رمز تعبيري (إيموجي) في الهواتف الذكية تناسب جميع مجالات الحياة والعمل، 168 منها تم إضافتها في العام 2019 فقط”

وأكد الحمادي على” اختلاف أشكالها من هاتف لآخر طبقاً لنوع الشركة المنتجة له، يتكوّن الرمز التعبيري من شفرة معينة تتفق في جميع الأجهزة “ مثل إيموجي الضحك الشهير هو في الأساس بهذا الشكل (U+1F600)“؛ ولكن كل شركة تصمم الإيموجي الخاص بهذه الشفرة طريقتها ثم تطلقه في أجهزتها، ولهذا السبب قد نلاحظ اختلاف شكل ايموجي معيّن بين الأندرويد والآيفون“.   وفي كل تحديث لأنظمة التشغيل الخاصة بالهواتف وأجهزة الكمبيوتر نلاحظ أن الشركات تتسابق لتصميم المزيد من الرموز التعبيرية تلبية للطلب العالي عليها وإرفاقها مع التحديث؛ بل والحديث عن هذه الرموز الجديدة في مؤتمرات الإطلاق كما حدث في آبل وغوغل، ويتوقع أن الرموز التعبيرية هذه قد تصبح لاحقاً لغة تواصل بين الشعوب؛ خاصة مع تسهيل عملية الوصول للرمز المناسب بإضافة خيار البحث عنه وتحويله من نص إلى رمز، وهناك بعض التطبيقات التي تحوّل حديثك إلى رموز تعبيرية ليفهمها أي طرف آخر مهما كانت لغته.   كما أصبحت كثير من الشركات تيسّر للعميل الوصول إلى خدماتها عبر استخدام الإيموجي؛ فمثلاً محرك البحث غوغل يستطيع فهمك عن طريق البحث بأي ايموجي، وإظهار نتائج البحث الخاصة به، وكذلك تقوم بعض شركات الاتصالات بتفعيل خيارات التجوال الدولي في أي دولة وذلك بعد إرسال ايموجي علم الدولة فقط، وفي أميركا يستخدم 74% من المواطنين الرموز التعبيرية بشكل دائم؛ حيث يرسلون ما معدّله 96 ايموجي يومياً للشخص الواحد، ويعتبر الوجه الضاحك هو الإيموجي الأكثر شهرة على مستوى العالم.  

التعبير عن الانفعالات ويعلل فيصل السيف أحد المهتمين بالتقنية والعلوم الرقمية لـ"اندبندنت عربية"، انتشار الرموز التعبيرية بأنها "شكّلت بديلاً عن التعابير غير اللفظية في الحياة الواقعية كلغة الوجه والجسد ونبرة الصوت غير المتوفرة في النصوص المكتوبة".

وأضاف، "تعد الأيقونات التعبيرية في كثيرٍ من الأحيان الطريقة الوحيدة للتعبير عن المشاعر خلال تبادل المحادثات الرقمية". وتابع السيف، "انتشرت الإيموجي منذ العام 2015، وكانت منذ بدايتها تعبيراً عن رأي ووصفٍ لحالة، ومع الانتشار عبَّرت عن الحالة العاطفية كالغضب والرضا والسعادة وغيرها من الانفعالات، كما أنها تحمل جوانب ثقافية وأخرى وطنية تمثلت في أيقونات الأعلام ورموز أخرى".

امتداد لتطور اللغات وعمَّا إذا كانت الإيموجي غيّبت لغة الجسد وتعبيرات الوجه ودرجة الصوت وأبعدت الناس عن النمط القديم للتواصل، يقول "من بداية العصور الأولى ظهر جلياً تطور اللغات بشكل متسارع، والإيموجي امتدادٌ لتطور اللغات، إذ بدأت اللغة برسوم للتعبير عن قصة أو حدث كالكتابات والاختصارات في الكتابة بالهيروغليفية".

ويتفق المتخصص الاجتماعي محمد الحمزة مع وجهة نظر السيف، قائلاً "الإيموجي إلى حد ما تعكس مشاعر مستخدميها في العالم الافتراضي عبر استخدام الرموز التعبيرية".

وأوضح "الرموز الضاحكة واستخدامها في وسائل التواصل الاجتماعي يكوّن للرسالة جماهير أوسع وأكبر، حيث تكون التفاعلات أضخم وأكثر تعقيداً من المحادثات النصية الفردية". وأضاف، "يمكننا توقّع أن الأشخاص الذين يرون أنفسهم أكثر وداً ولطفاً يحاكون ذلك في هذه البيئات الافتراضية، ويحاولون إيصال هذا الجزء من شخصياتهم عبر الرموز التعبيرية".

وتابع، "كلما استخدم الشخص الرموز المبتسمة كان يُنظر إليه على أنه أكثر وداً ووعياً ومنفتحاً على تجارب جديدة. وفي حين توحي الرموز المبتسمة بأن مستخدميها أكثر لطفاً ووعياً، فإن ذلك قد لا يتطابق مع شخصياتهم الحقيقية، كل ذلك يُلمح إلى الطريقة التي نستخدم بها التعبيرات والرموز الانفعالية في تشكيل انطباعات الآخرين عنا، والحقيقة يجب أن نكون مدركين لكيفية استخدامها على الإنترنت". يذكر أن (الإيموجي) لعبت دوراً كبيراً في تسهيل حياة مستخدميها، فسهّلت التواصل عبر الشبكات ونقل التعابير البشرية، بل إنها باتت تملك القدرة للتعبير عن شخصيات المتحدثين من خلف الألواح الإلكترونية كاختيار حجم الابتسامة أو العيون الضاحكة، وبدأت تظهر في اختصارات الكلام والرموز التعبيرية التي غدت الطريقة المثلى للتواصل فيما بينهم ويعتمدون عليها اعتماداً شبه كلي.