استقل سيارته بعد سهرة أمضاها، وعاد إلى منزله في قرية "بيت الشعار" القريبة بقضاء المتن 16 كيلومتراً فقط من بيروت، وركنها في مرآب العمارة، وحين فتح بابها وهمّ بالنزول، حدث له ما ورد بعدها في تقريرين متناقضين لطبيبين شرعيين: أحدهما أشار إلى أن كل شيء كان قضاء وقدرا. أما الثاني، فأكد أن هناك من يقف خلف ما حدث له في مارس 2017 بالتحديد، لأن الطبيب وجد كدمات برأس جوزيف سكاف، العقيد الذي تقاعد بأوائل ذلك العام في جمارك مرفأ بيروت.
جارته المقيمة في الطابق الثاني، أكدت لوسائل الإعلام اللبنانية، ومنها صحيفة "النهار" المحلية، أن زوجته ماري الحجار، اتصلت بعد تأخره بصديقه الذي كان يشاركه السهرة، فذكر لها أنه عاد إلى البيت، ثم سارع وسلك الطريق الذي يسلكه العقيد، لمعرفة إذا أصابه مكروه، ولما وصل إلى موقف السيارات وجد باب سيارته مفتوحا، وحين نظر إلى الأسفل رآه ملقى على الأرض، فصرخ وأيقظ جيرانا أطلوا من الشرفات، ليجدوه منطرحا ينزف من رأسه.. أسرع أحدهم، وهو طبيب، وأجرى ما تيسّر من إسعافات، لكنه لم يفلح بإنقاذه، فمات سكاف بعمر 57 سنة. هل "زلت" قدمه، كما أشار التقرير الأول، أم دفعه أحدهم ورماه من ارتفاع 3 أمتار، فتضرّج على الأرض ولفظ آخر أنفاسه؟.. لا جواب إلى الآن يحسم ما عادت إليه الذاكرة حاليا، بحسب ما راجعت "العربية.نت" ما يتم تداوله الآن في مواقع التواصل، وهو أن سكاف كتب رسالة قبل 3 أعوام من تقاعده، ورد فيها ما قد يكون سببا بتصفيته، فقد كان يعمل دائما في مكافحة التهريب، وآخر عمل له كان حين استلم في 2013 مهام رئاسة شعبة الجمارك بمطار بيروت الدولي، وطوال 3 أعوام.
كتب العقيد جوزيف نقولا سكاف، رسالة في فبراير 2014 إلى "مصلحة التدقيق والبحث عن التهريب" التابعة لوزارة المالية، نجد صورتها أعلاه، وطالب فيها بإبعاد الباخرة Rhosus المحمل على متنها 2750 طنا من "نترات الأمونيوم" إلى خارج الرصيف 11 في مرفأ بيروت، وطالب بوضعها تحت الرقابة، أي حمولتها. وقد يكون كرر الطلب شفهيا فيما بعد أيضا مع دوائر أخرى في الدولة، لأنه كان يرى أن "النترات" تشكل خطرا، وإلا لما طالب بإبعادها، وبدلا من أن يلبوا طلبه بإبعادها، احتفظوا بها في ما هو أخطر، أي العنبر الذي بقيت فيه حتى انفجرت.