«كمقهى صغير على شارع الغرباء.. هو الحبُّ... يفتح أبوابه للجميع»، هكذا وصف الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، الحب، يوماً ما في واحدة من أجمل قصائده، ولكن الحب في دبي، لم يكن مقهى، وإنما تحول إلى جسور، يعلق العشاق على جدرانها حبهم، ويقفلون على حكايتهم جيداً، كما يخبئونها في قلوبهم، تلك الجسور، لم تبق قاصرة على باريس ولندن والنمسا، وإنما أصبحت «دانة الدنيا» تمتلك مثلها، بعد تدشينها عدداً منها أمام أولئك الذين قرروا تعليق أمنياتهم وأحلامهم، ورسمها على ظهر أقفال حديدية، لتعزز هذه الجسور وشائح الحب بين الناس، وتعمق العلاقة بين المحبين، الذين يقصدون هذه الجسور، ليتركوا خلفهم ذكرى جميلة.
أسماء
أمنيات ووعود وأحرف كثيرة، يحملها «جسر الوعد» (Promise Bridge) في «ذا يارد» بالقرب من منطقة لاست اكزيت الخوانيج، الممتد على مسافة 55 متراً، فوق تلك البحيرة الفاصلة بين أجزاء المنطقة، والذي اُستوحي من جسر الفنون الواقع في العاصمة الفرنسية باريس، ليتحول الجسر إلى وجهة رومانسية، يقبل عليها الجميع، سياحاً ومقيمين، كل واحد منهم يترك بصمته عليه، وقفله أيضاً، إيماناً منه بأن القفل يحفظ العلاقة، ويبقيها مشتعلة طوال الوقت، ويجعل منها أبدية، لا سيما أن المحبين يلقون بمفاتيح الأقفال في مياه البحيرة، التي تحولت إلى واحدة من أكثر الأماكن رومانسية في «دانة الدنيا». جسر الوعد في «ذا يارد» بات مثقلاً بالأقفال، التي اختلف أحجامها وأشكالها، على اختلاف أسماء من علقوها، فيما تزين بعضها بالحروف الأولى من الأسماء، بينما يكتفي آخرون برسم قلوبهم عليها، فيما يخطو عليه البعض في سبيل التقاط صورة معبقة بعبير الحب، لتظل في ذاكرته.
بحيرة الأمنيات
جسر الوعد، ليس يتيماً في «دانة الدنيا»، فقد احتضنت منطقة «لا مير»، مجموعة أعمدة تراوحت في أطوالها، فيما تدلت عليها أقفال عديدة بأشكال وأحجام مختلفة، علقها العشاق يوماً ما، تاركين إياها كونها ذكرى لأيام الزمن، أعمدة الحب غير بعيدة عن بحيرة الأمنيات التي تقع في المنطقة ذاتها، حيث يقف الزوار ليلقوا فيها أمنياتهم مرفقة ببعض النقود، أملاً منهم أن تتحقق يوماً ما، لتأتي البحيرة على شاكلة «نافورة تريفي» في روما الإيطالية، التي يعود تأسيسها إلى عام 1762.
بحيرة الأمنيات في «لا مير»، أصبحت وجهة لأولئك الساعين في دروب الحياة، والمارين في طرقات المنطقة الواقعة في جميرا، لتنبض البحيرة بأمنياتهم، التي يلقونها في المياه، ليسيروا بذلك على خطى جملة «ارم درهماً واصنع أمنية»، التي تركتها إدارة المكان على الأرض، بالقرب من البحيرة النابضة بالألوان، التي أضفت عليها حياة أخرى، على وقع لمعان الدراهم الملقاة في قعرها.
الحب في دبي، لم يبق معلقاً على جدران الجسور والأعمدة، وإنما افترش الصحراء أيضاً، عبر بحيرة الحب، التي تتشابك فيها القلوب، لترسم على الأرض مشهداً رومانسياً جميلاً، وقد زينت بكلمة (LOVE) فيما تمتاز البحيرة بكونها منطقة مثالية للزيارة، لما توفره من مساحات خضراء ومناظر طبيعية ساحرة.
روعة دبي
الفنانة السعودية عزة شريف، قالت لـ«البيان»: «بلا شك فإن دبي بكل جمالها وروعتها تستطيع أن تفجر المشاعر الجميلة التي تكتنزها قلوب الكبار والصغار على حد سواء، وبالتأكيد فإن وجود جسور الأقفال، حيث يعلق الناس عليها أحلامهم وأمنياتهم، وأيضاً حبهم، ويغلقون عليها، تضيف لمسة جمالية أخرى إلى المشهد الثقافي والفني للإمارة، من شأنها أن تزيد من الحس الرومانسي لدى زوار هذه الجسور».
وأضافت: من وجهة نظري كفنانة، فالأقفال بما تتميز به من ألوان وأشكال مختلفة، تكاد تشكل لوحة فنية جميلة، قادرة على التعبير عن مشاعر الناس وزوار هذه الجسور، حيث يمكن لنا أن نتخيل طبيعة المواقف والحكايات التي تقف وراء هذه الأقفال وتلك اللحظة والمشاعر التي اعترت الشخص الذي وضع القفل في يوم ما، تاركاً إياه معلقاً على الجسر، ومحملاً بأحرف ورموز لا أحد يمكن أن يفهمها سوى أصحابها.