الأحد ، ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ ساعة ٠٧:٣٨ مساءً

قد تعاني من أعراض كورونا .. ولست مصاباً (تعرف على ذلك )

يعاني الملايين حول العالم من حالات توتر وخوف من الإصابة بعدوى فيروس كورونا، وليس من قبيل المصادفة أن البعض ربما يعاني من ارتفاع بدرجات حرارة الجسم وأحياناً زيادة في نبض القلب أو ارتفاع في مستويات ضغط الدم، وهي بعض من أعراض مرض كوفيد-19 ولكن تظهر نتائج الاختبار سلبية فيما بعد.

يأتي التفسير لهذه الظاهرة في سياق نتائج دراسة علمية، نشرتها مجلة Nature العلمية البريطانية، والتي توصلت إلى أن التوتر أو الخوف أو الإجهاد يمكن أن يثير ردود فعل فسيولوجية بأجسام القوارض والثدييات وكذلك البشر، من بينها الإصابة بالحمى.

ونجحت الدراسة، التي أجراها بروفيسور ناويكي كاتاوكا من جامعة طوكيو وفريقه البحثي، في تحديد دائرة عصبية في الجسم مسؤولة عن ارتفاع درجة حرارة الجسم وزيادة نبض القلب وارتفاع ضغط الدم، وتكلل هذه النتائج إرث طويل من البحث والتجارب لنفس الفريق البحثي على مدى 16 عاما.

ولا تقتصر الحالات على الخوف والتوتر بسبب جائحة كورونا، بل إنه ببساطة، على سبيل المثال، إذا كان شخص ما على وشك اعتلاء منصة للتحدث أمام جمهور كبير. وبينما ينتظر، يبدأ قلبه في النبض سريعًا وتتلاحق أنفاسه وربما يرتفع ضغط دمه وتتعرق راحتيه.

وذكرت الدراسة أن ردود الفعل الفسيولوجية هي آليات محفوظة تطوريًا لإعداد الجسم لمواجهة الأخطار الوشيكة، أو للمسارعة بالهرب للنجاة بالنفس. وتعد زيادة درجة حرارة الجسم أحد ردود الفعل الرئيسية في مثل هذه الحالات.

تحديد موقع الدائرة العصبية

بدأت دراسة عام 2004 بالبحث عن الدائرة العصبية التي تؤدي إلى رفع درجة حرارة الجسم عبر الأنسجة الدهنية البنية، وهي نوع من الدهون "الجيدة" التي يمكنها توليد الحرارة عند الحاجة.

وقام الباحثون آنذاك بتحديد مناطق في الدماغ تنطلق منها الخلايا العصبية إلى الدهون البنية. وتبين أن الخلايا العصبية تتواجد في منطقة جذع الدماغ وتسمى الرافعة النخاعية بمنطقة تتصل بالدهون البنية. وفي وقت لاحق، نجح بروفيسور كاتاوكا وزملاؤه في تحديد أكثر دقة وهو منطقة تحت المهاد الظهري العضلي DMH كمركز رئيسي في الدماغ في أعلى معدل النمو العضلي. وعندما قام الباحثون بتنشيط مسار DMH إلى الرافعة النخاعية، بشكل مصطنع، حدثت زيادة في النشاط العصبي وبالتالي تولدت درجات حرارة أعلى في الدهون البنية. وبشكل غير متوقع، أدى تنشيط هذا المسار أيضًا إلى زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم، مما يشير إلى أن تلك الدائرة العصبية في الدماغ يمكن أن تنسق ردود الفعل الفسيولوجية المختلفة أثناء الإجهاد أو التوتر.

نظرية الخوف

أرجع الفيلسوف وعالم النفس وليام جيمس أن الخوف هو تفسير لرد الفعل الفسيولوجي للتهديد، وليس العكس، أي أنه بدلاً من الهروب من الدب لأن الإنسان خائف، فإنه يكون خائفا لأنه يهرب من الدب. فإذا كان جيمس على حق، فمن المحتمل أن يتوقف الإنسان عن الخوف إذا تم حظر رد فعله الفسيولوجي للتهديد.

التنفس العميق

أثبتت تجارب بروفيسور كاتاوكا على الفئران أنه بتثبيط مسار DP / DTT-DMH، أي الرافعة النخاعية مرورا بمنطقة تحت المهاد الظهري العضلي وصولا إلى الدهون البنية، يمكن أن يقضي على تصورات أو مشاعر الخوف، وبالتالي رد الفعل الجسدي للتهديد.

وتوفر هذه النتائج مؤشراً يفسر السبب أن التنفس بعمق يهدئ من روع الكثيرين قبل القيام بعمل أو تصرف يتسبب لهم في توتر أو اضطراب. وتشير النتائج أيضًا إلى أن قمع رد الفعل الفسيولوجي للتوتر، يمكن أن يكون وسيلة فعالة للتخفيف من المشاعر المجهدة.

تثبيت درجات الحرارة مستقبلا

ومن الأهمية في هذا السياق، أنه وفقا لنتائج تلك الدراسات بات هناك مؤشرات على أنه من الممكن تنظيم والتحكم في درجة حرارة جسم الإنسان لأسباب مرتبطة بالإجهاد أو التوتر أو الخوف، أي للأسباب غير الناجمة عن العدوى أو تغير درجة الحرارة في البيئات المحيطة على سبيل المثال، عن طريق تثبيط أو تنشيط منطقة تحت المهاد الظهري العضلي DMH بمخ الإنسان. بل ويمكن مستقبلا التوصل إلى طرق لإغلاق هذا المسار وبالتالي الاحتفاظ بدرجة حرارة الجسم اليومية دون تغيير.