مع بداية السنة الجارية، وتحديدا في منتصف الشهر الأول منها، كان فيروس كورونا محصورا في الصين فقط، ولم تظهر حينها أي إصابة خارج حدودها، ولكن خلال يوم واحد فقط وفي 13 يناير/كانون الثاني الماضي أصبح المرض خطرا عالميا، حيث سُجل ظهور حالة في تايلاند لتتبعها حالات أخرى في اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، ثم انتشرت الإصابات في مختلف أنحاء العالم، لتبلغ اليوم أكثر من مليون حالة تمتد في مساحات شاسعة من نيبال إلى نيكاراغوا.
السؤال المهم .. هل مازالت هناك أماكن تخلو من كورونا؟ وتأتي الإجابة المفاجئة لهذا السؤال، أنه نعم، بالفعل هناك 193 دولة أعضاء في الأمم المتحدة، وحتى 2 أبريل/نيسان الجاري لم تسجل 18 دولة ظهور حالات فيروس كورونا فيها، بحسب جامعة جونز هوبكنز الأميركية.
في التفاصيل، يُرجح الخبراء أن بعض هذه الدول لم تبلغ عن ظهور حالات فيها من أمثال: كوريا الشمالية التي لم يعلن فيها رسميا عن وجود فيروس كورونا، وكذلك اليمن الذي تمزقه الحرب.
وهناك دول لم يصلها الفيروس أغلبها جزر صغيرة قليلة الزوار، منها 7 بين 10 دول الأقل زيارة في العالم بحسب بيانات الأمم المتحدة تخلو من فيروس كورونا.
فبعد موقع هذه الدول يعني شيئا واحدا، هو أنه هذه الدول الجزر معزولة ذاتيا من الأساس عند تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي عليها.
يعود السبب في ذلك إلى أن هذه الدول هي جزر معزولة ذاتيا من الأساس، منها جزيرة ناورو الواقعة في المحيط الهادي، وتقع على بعد نحو 200 ميل من أقرب أرض إليها، وهي أراضي جزيرة بانابا، وجزء من كيريباتي. وأقرب مدينة كبيرة تربطها بها رحلات طيران هي بريسبان التي تقع على بعد 2500 ميل إلى الجنوب الغربي منها، وهي ثاني أصغر دولة عضو في الأمم المتحدة من حيث المساحة بعد موناكو، والثانية أيضا من حيث عدد السكان بعد توفالو، حيث يزيد عدد سكانها قليلا عن 10 آلاف نسمة.
وتعد واحدة من أقل البلدان زيارة في العالم، وعلى الرغم من أنها لا تظهر في أي بيانات خاصة بالأمم المتحدة إلا أن أحد مُنظمي الجولات السياحية يقول إن نحو 160 سائحا يزورون ناورو سنويا فقط.
ويمكن للعقل أن يقول أنه لا داعي لمثل هذه الدول أن تعزل نفسها فخطر طورونا بعيد عنها، لكن في الواقع هذا كلام متروك للحظ في دولة تضم مستشفى واحدا، ولا توجد فيها أجهزة المساعدة في التنفس، وتعاني نقصا في أطقم التمريض، وعليه اتخذت نارو احتياطاتها حيث حظرت استقبال المسافرين من الصين وكوريا الشمالية وإيطاليا وإيران، وعلقت رحلات خطوط ناورو الجوية إلى فيجي وكيريباتي وجزر مارشال وقُلصت الرحلات إلى بريسبان من 3 رحلات في الأسبوع إلى رحلة واحدة كل أسبوعين.
كما فرضت الحجر الصحي على القادمين مدة 14 يوما، وبعدها يخضع المحجورون لفحص كورونا.
بدوره، أفاد الدكتور كولين توكويتونغا الخبير في الصحة العامة لهيئة الإذاعة البريطانية، أنه واثق أن هذه هي السياسة السليمة، فالأفضل هو إبقاء الفيروس خارج هذه المنطقة التي تتّسم بالهشاشة، وتفتقد إلى أنظمة الرعاية الصحية، فهذه دول صغيرة وهشة ولا يوجد في أغلبها أجهزة مساعدة على التنفس، ولو تفشى الوباء فيها فسيفني سكانها، بحسب تعبيره.
نارو ليست وحيدة وليست جزيرة ناورو التي أعلنت حالة الطوارئ في المحيط الهادي فقط، بل أقدم على هذا الإجراء كل من كيريباتي وتونغا وفانوتو وغيرها من الجزر، فإذا تفشى الوباء في أي من هذه الدول فإنها قد ترسل مرضاها إلى الخارج، لو استطاعت في وقت تغلق فيه الدول حدودها.
وظهرت حالات متناثرة من فيروس كورونا في عدد محدود جدا من الدول "المغلقة"، ذات الحدود البرية فقط، مثل مالاوي الواقعة في شرق أفريقيا وهي دولة مغلقة عدد سكانها 18 مليون نسمة، والتي أعلنت يوم الخميس الماضي عن ظهور أول حالة فيها، وقالت إنها مستعدة للأمر.
60 ألف وفاة حتى اليوم يذكر أن فيروس كورونا أدى إلى أكثر من 60 ألف وفاة حول العالم، حوالي ثلاثة أرباعها في أوروبا، منذ ظهوره في كانون الأول/ديسمبر، وفق حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى مصادر رسمية حتى السبت الساعة 13,30 ت.غ.
وفي الإجمال، سجلت 60457 وفاة، بينها 44132 في أوروبا التي تمثل القارة الأكثر تأثراً. وإيطاليا هي الدولة التي سجلت أكبر عدد وفيات في العالم (14681)، تليها إسبانيا (11744)، ثم الولايات المتحدة (7159)، وفرنسا (6507).
ومنذ ظهور كوفيد-19، تم رسمياً رصد 1,130,204 إصابات حول العالم، أكثر من نصفها في أوروبا (610846)، و290219 إصابة في الولايات المتحدة وكندا (7325 وفاة في البلدين)، و115777 إصابة في آسيا (4124 وفاة).
ولا تعكس هذه الأرقام إلا جزءاً من الحصيلة الفعلية للإصابات، إذ إنّ دولا عدة لا تجري الفحوص إلا للحالات التي تتطلب دخول المستشفى.