قال الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، إن جائحة فيروس «كورونا» المستجد التي تضرب دول العالم، هي طاعون هذا العصر، ومن كتب الله له الوفاة بهذا المرض من المسلمين فهو شهيد، مشيراً إلى أن الإصابة بالفيروس «تكفير للذنوب»، والتعامل معها يجب أن يكون وفق ما يقتضيه الشرع والعقل.
وبيّن فضيلته لـ«البيان» أنه «من كتب الله له الوفاة بهذا المرض من المسلمين فهو شهيد، شهادة أخروية، له أجر الشهداء عند ربه، كما ثبت في الحديث الصحيح «الطاعون شهادة لكل مسلم» وهذا الوباء هو طاعون العصر»، موضحاً أن أحكام الموتى من غسل وتكفين وصلاة عليه ودفن تجري على «موتى كورونا»، بما تقتضيه الأنظمة الصحية والتوجيهات الحكومية، بحيث لا يكون شيء من تجهيزه سبباً في نقل العدوى للآخرين، على اعتبار أن «دفع الضرر ودرء المفاسد والحفاظ على الصحة العامة، من مقاصد الشريعة الإسلامية».
رحمة
وقال: ابتلاء الله تعالى لعباده سنةٌ إلهية يجريها في خلقه متى شاء وكيف شاء وعلى من شاء؛ وقد جرت سنته سبحانه ألا تكون إلا بما كسبت أيدي الناس، لأنه إله عدل رحيم رؤوف بعباده، فلا يعذبهم إلا إذا انحرفوا عن منهجه المستقيم، كما قال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}، إلا أن البلاء إذا نزل عمّ ولم يخصّ، لأن الدنيا هي دار ابتلاء فيكون البلاء على وفق طبعها.
وشدد مفتي دبي على ضرورة تكيف المسلمين مع البلاء عند نزوله بما تتطلبه مصلحتهم من التوقي منه ما استطاعوا، اقتداء بمنهج الإسلام الذي أمر ألا يتسبب المرء بإضرار نفسه، ولا يلقي بنفسه إلى التهلكة، حتى لا يأثم بذلك، بل يتوقاه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لأنه لا يملك نفسه، بل هو ملك لخالقه جلّ في علاه، فهو الذي يتصرف بمخلوقه كيف شاء، فإذا أخذ أسباب الوقاية ثم أصيب به فإنه يكون قد أعذر نفسه، وعليه أن يتعامل مع الإصابة التي قدرت عليه بما يقتضيه الشرع والعقل.
الصلاة على الميت
وفيما يتصل بالصلاة على الميت في هذا الظرف الصحي أكد فضيلته أنها فرض كفاية على الأحياء، ويصح لمن فاتته حاضراً أن يصليها غائباً.
وقال: الصلاة على الميت في هذه الظروف كغسله وتكفينه تتم بحسب القدرة ومقتضيات الصحة، وهي أسهل من غيرها، فإنها تحصل بفعل واحد، وتحصل في العراء على القبر أو وهو في السيارة أمام المصلين، كما لو كانت في المسجد، بل إن الصلاة على الجنائز في العراء أفضل من المساجد عند بعض أهل العلم، وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم موضع خاص للصلاة على الجنائز، خارج المسجد، كما يصح لمن فاته أن يصلي عليه حاضراً أن يصلي عليه غائباً كما هو مذهب الجمهور من أهل العلم.
التعزية
ونوه بأن تعزية أهل الميت في هذا الظرف الصحي سنة للأحياء وحق لهم، لا سيما ممن يعرفونهم، إلا أن على أهل الميت أن يقدروا الظرف الصحي، الذي يعيشه الجميع، فلا يحمِّلوا الناس ما لا يطيقون، فليعذروا الجميع من ذلك، وليلتزموا التوجيهات الصارمة في منع التجمعات والمصافحات، فضلاً عن الاحتضان والقبلات، والسنة تحصل بالاتصال أو السلام عن بعد، كما تحصل بالمكاتبة الإلكترونية أو الورقية.
وأضاف إن التعزية بحد ذاتها ليست فريضة على الناس، بل سنة لجبر قلوب أهل الميت، والسنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، كما أنها لا تفوت على الغائب، فعما قريب إن شاء الله تعالى سيُرفع البلاء، وسيتلاقى الناس، وعندما يحصل التلاقي تكون التعازي.