الحمد لله القائل في محكم كتابه العزيز: " أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ ) والقائل جل وعلا: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ"،
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين القائل صلوات الله وسلامه عليه: "مَنْ أَحْدثَ في أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فهُو رَدٌّ"، متفقٌ عَلَيهِ، والقائل: "إنَّهُ مَن يعِشْ منْكم بعدي فسيَرى اختِلافًا كثيرًا فعليكُم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشدينَ المَهديِّينَ من بعدي تمسَّكوا بِها وعضُّوا عليها بالنَّواجذِ وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالة".
اقرأ أيضاً :
الحوثي يدفع بصواريخ باليستي وكروز وأسلحة ثقيلة إلى هذه المحافظة
وبعد:
فقد طالعنا المدعو محمد عبدالعظيم الحوثي أحد دعاة الضلال والطائفية من مرجعيات المليشيا الحوثية المنحرفة التابعة لإيران بتسجيلات مصورة تُفصح عن فساد العقيدة وانحراف المنهج واعتناق الخرافة والبدعة، خدمةً لمشروعهم الطائفي السلالي، ولمن يمولهم - من أقطاب النظام الإيراني الفاسد - وتكشف حجم الكراهية والسوء والبغضاء ضد عموم المسلمين، واليمنيين على وجه الخصوص، "وما تخفي صدورُهم أكبر "، وقد تجاسر المذكور علانيةً في التسجيلات المنشورة على إطلاق أحكام التكفير بالجملة ضد عامة المسلمين الذين لا يسلّمون بمعتقدهم الباطل بوجوب إمامة علي رضي الله عنه دون بقية الخلفاء الراشدين واعتبارها أصلًا من أصول الدين، بل وتهجم على علماء اليمن بمن فيهم العلامة المجتهد محمد بن علي الشوكاني والشيخ العلامة محمد بن إسماعيل العمراني رحمة الله تغشاهما، ونعتهما بأنهما "منافقون"، ولم يكتفِ بذلك، فقد ادعى زورًا وبهتانًا أنهما يسبّان فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
وعليه؛
أولًا: إن هيئة علماء اليمن إذ تعبر عن استنكارها الشديد لإطلاق المدعو محمد عبدالعظيم الحوثي فتاوى التكفير بحق المسلمين، فإنها تحذر مجددًا من هذه الأفكار الطائفية المتطرفة والمغلوطة التي تمس عقيدة المسلمين وتستهدف تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني، وتستبيح دماء اليمنيين وأموالهم وأعراضهم كما هو دأب سلفه من أئمة الضلال والظلم والطغيان، مؤكدةً بأن هذا التكفير والتجريح لا يمت للإسلام بصلة، بل هو من سمات الغلو الذي حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: لقد زعم المذكور أن إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أصول الدين، وكفَّر من لا يؤمن بذلك، وهو بذلك يخالف إجماع الأمة الإسلامية التي أطبقت على أن الإيمان يقوم على أركان الإسلام والإيمان المعروفة، ولا علاقة لأصوله بمسائل الخلاف السياسي أو الفقهي التي وقعت بعد عصر النبوة.
ثالثًا: تستنكر الهيئة بشدة إقدام المذكور على التطاول على رموز علمية يمنية كبيرة مثل الإمام محمد بن علي الشوكاني، والعلامة محمد بن إسماعيل العمراني ، والشيخين الزنداني والوادعي وغيرهم رحمهم الله، من كبار العلماء الذين خدموا الإسلام وعلومه، وكان لهم دور بارز في إثراء الفكر الإسلامي، وإن الطعن في هؤلاء العلماء والتنقص منهم والإسفاف بحقهم لهو إساءة لليمن وتاريخه العلمي العريق.
رابعاً :- إن عامة المسلمين من لدن القرون الأولى حتى يومنا هذا لا ينكرون خلافة علي رضي الله عنه، لكنهم لا يذهبون مذهب المدعو الحوثي وأمثاله من الرافضة الذين يجعلون خلافة علي وحده أصلًا من أصول الدين كذريعة لتكفير أهل السنة وإنكار خلافة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وذي النورين عثمان رضي الله عنه، والطعن فيهم وفي الصحابة، ولوصف أهل اليمن الرافضين لحكم الجماعة الحوثية بأنهم "نواصب"، بغية استباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم كما فعل أسلافهم على مر التاريخ وصولاً إلى ما نشاهده يومنا هذا.
ختاماً : - إن هيئة علماء اليمن إذ تدين هذه التصريحات المسيئة والبغيضة، فإنها تهيب بأبناء الشعب اليمني جميعهم أن يتوحدوا لاستعادة دولتهم وبلادهم ونبذ الجماعة الحوثية ومرجعياتها الفكرية من دعاة الفتنة والغلو أمثال الحوثي وغيره، وأن يتمسكوا بروح التسامح التي عرف بها مجتمعنا اليمني عبر تاريخه، وأن يحذروا من الأفكار الدخيلة التي تهدف إلى زرع الفتنة والكراهية بين المسلمين.
نسأل الله أن يحفظ اليمن وأهله من كل شر، وأن يوحد صفوفنا على الحق والخير، إنه سميع مجيب.
هيئة علماء اليمن
٥/شعبان ١٤٤٦ هجرية
الموافق ٤/٢/٢٠٢٢٥