غلاء غير مسبوق ضرب الأسواق المحلية عقب تراجع قيمة سعر صرف الريال، الذي أدى إلى موجة حادة في ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية للمواطنين وفاقم من حياتهم المعيشية.
و قفزت أسعار المواد الاستهلاكية مثل الدقيق والبُر والسكر والأرز والسمن وزيت الطهي، نتيجة تراجع قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، الذي فاقم من القدرة الشرائية للمواطنين.
وتعد هذه المواد من أساسيات البيت اليمني، التي كادت مؤخراً تكون منعدمة لدى المواطن البسيط، بعد أن ارتفعت أسعارها كثيراً خلال أكتوبر الجاري مقارنة بالأشهر السابقة.
تراجع القدرة الشرائية
شكا عدد من سكان مدينتي تعز وعدن، في أحاديث منفصلة لموقع العين الإخبارية، من الارتفاع الذي وصفوه بالجنوني بأسعار المواد الغذائية.
قال المواطن عبدالواسع الشرعبي إن هناك ارتفاعا كبيرا في أسعار المواد الغذائية، عما كانت عليه بالشهر السابق -التي كانت مرتفعة أيضاً- خاصة الدقيق والبُر والسكر وزيت الطباخة والفاصوليا والبيض.
أضاف المواطن أنه أصبح غير قادر على توفير هذه المواد بحجمها الرسمي، وأنه أصبح يشتريها بالتجزئة، بسبب ضعف وضعه المادي وارتفاع تكاليف شرائها.
أشار إلى أنه كان يأخذ كيس دقيق عبوة 25 كغم أو عبوة 50 كغم، أصبح الآن يشتري الدقيق بالكمية القليلة بالكيلو، التي لا تتجاوز 5 كيلوغرامات.
من جهته أكد فوزي المقطري أحد مالكي المحلات التجارية بتعز، أن هناك ارتفاعا ملحوظا في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية خلال هذا الشهر.
أضاف المقطري أنه قلّص الكميات التي كان يوفرها في محله، بسبب ارتفاع قيمتها، وأنه يشتريها بالريال السعودي على الرغم أنه يبيعها بما يقابل سعر صرفه بالريال اليمني.
المقطري أشار إلى أن هناك تراجعا كبيرا في إقبال المواطنين على الشراء، موضحاً أنه "مع كل مرة يفقد الريال قيمته، وترتفع الأسعار، وتتراجع عمليات الشراء من قبل المواطنين".
وفي جولة خاطفة في أسواق مدينتي تعز وعدن، وجدت العين الإخبارية، أن سعر قيمة كيس الدقيق عبوة (50 كغم) وصل إلى 49 و50 ألف ريال يمني، بعد أن كان سعره خلال الفترة الماضية 44 ألفا، أي بفارق زيادة 6 آلاف ريال يمني على الكيس الواحد.
فيما سجل سعر كيس الأرز البسمتي عبوة (50 كغم)، 105 آلاف، وسعر كيس السكر عبوة (50 كغم) 75 ألف ريال، والزيت عبوة (20 لتر) سعرها 51 ألف ريال يمني.
فيما وصل سعر كيس "بُر السعيد" الأكثر شهرة لدى المواطنين عبوة (50 كغم) 45 ألفا، حيث تعتمد الكثير من العائلات اليمنية على البُر باعتباره المكون الأساسي للأكل خاصة الرغيف والخبز.
وتجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الريال اليمني خلال الأيام الأخيرة حاجز الـ2000 ريال لكل دولار، ليلقي بظلال سلبية على تضخم أسعار السلع والمواد الغذائية، وانهيار القوة الشرائية للمواطنين.
أسباب متشعبة
لم يكن انهيار العملة اليمنية السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية في اليمن، إذ إن هناك العديد من العوامل التي أسهمت بشكل كبير بارتفاع أسعار هذه المواد، أبرزها الحرب الاقتصادية التي شنتها مليشيات الحوثي على اليمنيين خلال السنوات الماضية.
كما أن لهجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن تأثيرات كبيرة على تقييد تدفق السلع والمواد إلى الموانئ اليمنية، وارتفاع تكاليف الشحن، خاصة أن اليمن يعتمد على الاستيراد البحري لهذه المواد والسلع.
قال تقرير حديث للبنك الدولي إن اليمن خلال العام الجاري 2024 شهد ارتفاعاً بنسبة 6% في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد مقارنة بالعام السابق.
أشار التقرير إلى أن انعدام الأمن في البحر الأحمر كان له تأثير مباشر على توافر الغذاء في البلاد، إذ أدت الصراعات البحرية إلى تقييد تدفق المواد الغذائية والسلع الأساسية.
في تقرير سابق، حذَّر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديدا خطيرا على حياة الأشخاص، مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي.