مجدداً، تعاود التغيرات المناخية زيارة اليمن لتضاعف من فاتورة الخسائر التي يدفعها هذا البلد المنهك بالحرب والانقلاب منذ 10 أعوام.
وحذر مركز التنبؤات الجوية والإنذار المبكر في الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد من تأثر اليمن بأمطار رعدية ورياح شديدة خلال الأيام الأربعة المقبلة، بسبب الاضطراب المداري شرق خليج عدن.
وأفاد المركز بأن صور الأقمار الاصطناعية ومخرجات النماذج العددية وطبقات الجو العليا والرصد السطحي تشير إلى أن المنخفض الجوي سيضرب عدداً كبيراً من المحافظات اليمنية.
ويتوقع كذلك استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح شديدة على المرتفعات والمنحدرات والسهول الساحلية الغربية، من صعدة شمالاً حتى تعز والضالع ولحج جنوباً، بالإضافة إلى أجزاء من محافظتي مأرب والجوف.
وتعد اليمن من أبرز البلدان التي طالتها التغيرات المناخية مع تنامي الظواهر الجوية المتطرفة، في مختلف محافظات البلاد، مخلفة آثاراً بيئية وصحية واقتصادية وإنسانية هائلة.
وزادت حدة التغيرات المناخية في اليمن، مخلفة ارتفاعاً كبيراً في درجة الحرارة، والأمطار الغزيرة والفيضانات، والأعاصير، وكوارث طبيعية أخرى.
استنفار حكومي:
السلطات الحكومية في محافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عمان استنفرت أجهزتها المدنية والعسكرية لمواجهة المنخفض الجوي الذي تنتظر المحافظة وصوله خلال ساعات.
ووجه محافظ المهرة محمد علي ياسر، باتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية وإجراء التدخلات العاجلة تحسباً للمنخفض الجوي المتوقع أن تتأثر به عدد من المحافظات اليمنية ابتداءً من المهرة وحضرموت وسقطرى.
كما وجه لجنة الطوارئ في مركز المحافظة والمديريات، والأجهزة الأمنية والعسكرية، ومدراء عموم المديريات والجهات المعنية بالاستنفار وتهيئة المستشفيات وتنظيف مجاري السيول وتنبيه السكان القاطنين بالمناطق المنخفضة وبطون الأودية بإخلائها حفاظاً على سلامتهم.وشملت التوجيهات تجهيز فرق طبية متنقلة أثناء هطول الأمطار ورفع الأجهزة الأمنية والعسكرية حالة الجاهزية وتجهيز المعدات الثقيلة للمشاركة في عمليات الإنقاذ تحسباً لأي طارئ، ومنع الإبحار كإجراء وقائي حفاظاً على سلامة الصيادين.
كوارث التغيرات المناخية:
وأدت التغيرات المناخية التي شهدتها اليمن خلال السنوات الأخيرة إلى زيادة معدلات النزوح في مختلف مناطق البلاد، فضلاً عن تفاقم أوضاعهم المعيشية والصحية.
وتسببت تلك التغيرات وما نتج عنها من سيول وفيضانات وكوارث بنزوح وتضرر نحو 500 ألف شخص في مختلف مناطق اليمن منذ بداية العام الجاري 2024، وفقاً للأمم المتحدة.
وحسب تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن التغيرات المناخية وما نتج عنها من سيول وفيضانات وكوارث تسببت بنزوح وتضرر نحو 500 ألف شخص في مختلف مناطق اليمن منذ بداية العام الجاري 2024.
وأوضح التقرير أنه خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول الماضي، قدمت آلية الاستجابة السريعة مساعدات طارئة لإنقاذ حياة 86.5% من النازحين المسجلين للحصول على المساعدة، بما يعادل 423,451 شخصاً في 20 محافظة يمنية.وبحسب صندوق الأمم المتحدة، كان من بين المستفيدين 22% من الأسر التي تقودها نساء، و21% من كبار السن، و10% من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتوضح هذه الأرقام حجم الكوارث التي طالت مختلف مناطق البلاد على مدى أقل من عام، حيث أدت إلى كوارث بيئية حقيقية فاقمت من الوضع الإنساني والمعيشي للمواطنين خاصة النازحين.
وخلال شهري أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول 2024، ضرب اليمن منخفض جوي أدى إلى تساقط الأمطار بكميات كبيرة، بعضها تتساقط لأول مرة منذ عقود، وحدوث فيضانات خلفت خسائر بشرية ومادية في صفوف وممتلكات المواطنين.
وخلفت موجة الفيضانات الأخيرة مآسٍ وقصصاً مروعة في صفوف المواطنين في محافظة الحديدة، وملحان بالمحويت، ووصاب في ذمار، وشمير في تعز بالإضافة إلى حجة ومأرب، حيث تضررت مئات آلاف الأسر، لا سيما المشردة من حرب الحوثيين في مخيمات النزوح.
فقد هدَّمت العواصف التي شهدتها محافظة مأرب، التي يعيش فيها نحو مليوني نازح، المنازل، ومزقت المآوي، وألحقت خسائر فادحة في الماشية والممتلكات، وتسببت بوفاة 8 أشخاص، وإصابة 36 آخرين.وتضررت نحو تسعة آلاف أسرة في مخيمات النزوح، وتم تدمير 6702 مأوى للنازحين تدميراً كلياً وجزئياً.
زيادة حدة التغيرات المناخية:
بحسب خبراء البيئة والمناخ، فإن اليمن تأثرت كثيراً بتبعات التغيرات المناخية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة، وأدت تلك التبعات إلى حدوث كوارث طبيعية مثل الأعاصير والفيضانات والسيول، وارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستويات سطح البحر.
وضربت اليمن نحو 6 أعاصير خلال الفترة من 2015 حتى 2023، وهي تشابالا، وميج، ومكونو، ولبان، وتيج، وأثرت هذه الأعاصير بشكل كبير على كل من أرخبيل سقطرى ومحافظات المهرة وحضرموت وشبوة وأبين، وألحقت الأضرار بالسكان وتسببت بنزوح عشرات الآلاف.
ووفقاً للأمم المتحدة، فإن 18.2 مليون شخص في البلاد، بمن فيهم 4.5 مليون نازح، يحتاجون للمساعدات الإنسانية العاجلة، ويشمل ذلك أكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا، وقد ضاعفت الظواهر المناخية معاناتهم.