في استجلاء لآراء الخبراء بشأن إمكانية التوصل الى لقاح لفيروس كورونا المستجد قريباً، أفادت صحيفة "غارديان" البريطانية في تقرير نشرته أخيراً، عن وجود أكثر من 35 شركة ومؤسسة أكاديمية تتسابق لإيجاد لقاح لفيروس كورونا المستجد، باعتباره العلاج الوحيد لكوفيد-19، بما في ذلك أربعة منها كان يجري اختبارات على الحيوانات، بما في ذلك شركة "مودرنا" في بوسطن التي باشرت التجارب على البشر، أخيراً.
ونقلت الصحيفة عن الخبراء قولهم إن تلك السرعة غير المسبوقة، تعود الى الجهود الصينية المبكرة في نشر تسلسل المواد الوراثية للفيروس المستجد، كذلك إلى الاستثمار السابق في فهم كيفية تطوير لقاح ضد فيروسات تاجية أخرى، مثل "سارس" و "ميرس"، حيث عمدت شركة "نوفوفاكس" في ماريلاند، على سبيل المثال، إلى إعادة استخدام تلك اللقاحات التجريبية، فيما تبنت شركة "مودرنا" أعمال سابقة على فيروس "ميرس"، حيث يعتمد التحصين فيها على استخدام أشكال حية مضعفة من الفيروسات، او جزء أو كامل الفيروس بعد تعطيله بالحرارة والمواد الكيميائية، لبناء اجسام مضادة في جهاز مناعة البشر.
وفيما تلك الأساليب تشوبها العيوب، إذ يمكن أن يستمر الشكل الحي في التطور لدى المضيف فيلتقط بعضاً من ضراوة المرض مجدداً ويصاب بالمرض، يفيد الخبراء أن الشركات كانت تلجأ أيضاً إلى مقاربات مختلفة أحدث، حيث اعتمدت شركة "نوفوفاكس"، ايضاً على استراتيجية لقاحات تتضمن استخراج الشيفرة الوراثية، فيما شركة "مودرنا" وشركة أخرى في بوسطن "كيورفاك"، كانت تبني لقاحات من التعليمات الوراثية، القائمة على الحمض النووي الريبي.
وفيما يؤكد الرئيس التنفيذي لتحالف ابتكارات الاستعداد للوباء (سبي)، ريتشارد هاتشيت، أن "التنوع أمر أساسي" يؤكد أن المرحلة التي من المرجح أن تتعثر فيها أي من تلك المقاربات هي التجارب السريرية على البشر، حيث هناك مستوى مرتفع من الاستنزاف، لاسيما وأن هذا الفيروس حديث، والعديد من التكنولوجيا المستخدمة تنتج لقاحات غير مجربة نسبياً، حيث لم يسبق حتى الان الموافقة على أي لقاح مصنوع من الحمض النووي أو الحمض النووي الريبي. ولهذا السبب، يؤكد الخبراء على أهمية اخضاع اللقاحات لاختبارات السلامة الصارمة لاستبعاد خطر تعزيز المرض.
وإلى ذلك، يقول أستاذ الامراض المعدية الناشئة في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي، اينليس ويلدر سميث، إن "أخذ لقاح على طول الطريق الى الموافقة من قبل السلطات عادة ما يستغرق عقداً أو أكثر" معرباً عن شكوكه من احتمال ان يكون اللقاح جاهزاً قبل 18 شهراً.
وحتى في حال الموافقة على اللقاح، يشير الخبراء إلى مشكلات محتملة أخرى تتعلق بالقدرة الإنتاجية، ذلك أن تطوير لقاح بحد ذاته أمر محفوف بالخطر، عدا جدواه التجارية في حال لم تثبت نجاعته. وفي هذا السياق، يؤكد خبير الصحة العالمية، حوناثان كويك، في جامعة ديوك في ثورث كارولينا: "أن الحصول على لقاح موافق عليه آمن وفعَال في البشر، يأخذ ثلث ما هو مطلوب للتوصل إلى التحصين العالمي"، مضيفاً: "السياسة والاقتصاد على الأرجح أن تشكلا العالمين الاكبر كحواجز أمام التحصين"، وهو يعتقد أنه في ظل الأوبئة، فان البلدان ستتنافس فيما بينها على الأدوية، ولا يوجد بلد ملزم بأي اتفاق تقترحه منظمة الصحة العالمية.
وفي غضون ذلك، "يكون الوباء قد وصل الذروة وتراجع قبل توفر لقاح"، يقول خبير الأوبئة، وايدر سميث، "فإذا كان اللقاح بإمكانه أن ينقذ الكثير من الأرواح، يبقى أملنا الأفضل الى ذلك الحين، هو احتواء المرض قدر الإمكان".