أصدرت جماعة الحوثي الكهنوتية التابعة لإيران، عبر ما يسمى برئيس المجلس السياسي الأعلى للانقلاب، مهدي المشاط، السبت، ما وصفتها بالقرارات الجمهورية، بشأن التشكيلة الحكومية الانقلابية الجديدة.
وقضت القرارات، بإنشاء مكتب رئاسة الوزراء، وتعيين مدير للمكتب لرئاسة الوزراء وهو السلالي محمد قاسم محمد الكبسي، وإنشاء "المكتب القانوني للدولة" كبديل عن وزارة الشؤون القانونية.
صلاحيات مختلفة
وطبقا لموقع النائب في برلمان الانقلاب أحمد سيف حاشد، فإن قرار إنشاء مكتب رئاسة الوزراء على غرار مكتب رئاسة الجمهورية، بدلا من مكتب رئيس الوزراء، يتبادر إلى الذهن بأن هذا المكتب سيكون له صلاحيات تحد من صلاحيات رئيس الوزراء، (الانقلابي) ما سيجعله متحكما بعدد من قرارات الحكومة، خاصة فيما يتعلق بالقرارات والتعيينات وغيرها.
إلغاء دور مجلس النواب!وأوضح النائب حاشد أن القرار الحوثي الثالث "والذي تم بموجبه انشاء المكتب القانوني للدولة، يعد بمثابة تقنين لسحب صلاحيات اصدار التشريعات والقوانين من مجلس الوزراء، وجعلها في يد المكتب القانوني المستحدث، والذي يبدو انه سيكون مرتبطا بالرئاسة، ما يعني ان ما ستواجهه حكومة الرهوي من اشكاليات قانونية في العمل، لا يعطيها الحق في تقديم مشاريع تعديل مواد وقوانين إلى مجلس النواب، عوضا انها ليست معنية بتقديم مشاريع قوانين جديدة إلى مجلس النواب".
النائب حاشد، مضى في تقرير على موقعه الإلكتروني، لتسليط الضوء على القرارات الثلاثة، مؤكدا أنها تعني توجها جديدا للمليشيات السلالية تسلب من خلالها صلاحيات الحكومة الانقلابية الجديدة، وتلغي مجلس نواب الانقلاب بصنعاء، وتعيد هيكلية المؤسسات إلى ما قبل تحقيق الوحدة اليمنية في العام 1990.
فيما يلي، استكمال لما جاء في تقرير النائب أحمد سيف حاشد:
تناقض مع برنامج الحكومة
وبالتالي فإن تشكيل المكتب القانوني للدولة يتناقض مع برنامج الحكومة الذي قدمته لمجلس النواب، والذي بموجبه نالت ثقة المجلس.
وتضمن برنامج الحكومة عدد من النقاط في الجانب القانوني، تمثلت في تفعيل دور الشئون القانونية للاضطلاع بدور فاعل تجاه القضايا المرفوعة على بعض مؤسسات الدولة سواء أمام المحاكم الداخلية أو الخارجية.كما تضمن البرنامج تفعيل الرقابة والتوعية القانونية للعمل على توعية المجتمع بالواجبات الوطنية التي حددها الدستور والقوانين النافذة، للحد من الفساد وحماية المال العام.
وتضمن عمل مسح قانوني مرحلي وعاجل لتحديد التداخلات والتناقضات والتعارض بين القوانين بعضها البعض، أو بينها وبين لوائحها التنفيذية.
وكذلك تفعيل العلاقة مع مجلس النواب، من خلال متابعة استكمال الإجراءات الدستورية للمصادقة على كافة مشاريع القوانين والتعديلات والاتفاقيات المحالة للمجلس.
ومعالجة حالات الإحالة للتقاعد لمن بلغ أحد الأجلين من الموظفين ودراسة كافة جوانبها بما يتلاءم والظروف الراهنة التي افرزها العدوان وما تتطلبه المصلحة الوطنية العليا.
وتضمن البرنامج استكمال نظام البصمة والصورة لمنتسبي وحدات الدفاع والأمن، ولمن تبقى من الموظفين الأساسيين المدنيين لإزالة حالات الازدواج والتكرار، وشطب الحالات الوهمية والمزدوجة وتنظيف كشف الراتب منها.
والتسريع في اصدار القوانين واللوائح للوزارات وللمؤسسات والهيئات الحكومية، وفقاً للقرار الجمهوري بشان تعيين رئيس واعضاء الحكومة، بما يمكنها من أداء مهامها وكذا القوانين ذات الصلة.
كما تضمن تطوير السياسات العامة والبنية القانونية بما يلبي متطلبات المرحلة ويطور الأداء المؤسسي ويعالج الاختلالات والتضارب بين الأدوار والمسؤوليات في مؤسسات الدولة، وتطوير البنية المؤسسية والتنظيمية لتعزيز الأداء وتحسين العمليات وتطوير الخدمات، وبناء وتنمية مهارات وقدرات قيادات وكوادر أجهزة ومؤسسات الدولة لرفع كفاءة الأداء، وتعزيز ممارسة نهج التخطيط والمتابعة والتقييم وقياس الأداء في أجهزة ومؤسسات الدولة، وتطوير آليات وأنظمة متابعة وتقييم الأداء المؤسسي لتصحيح الانحرافات في
أداء أجهزة ومؤسسات الدولة.كيف ستنفذ..؟!
وكل هذه النقاط التي وردت في برنامج الحكومة كيف يمكن تنفيذها والجهة القانونية المعنية بتنفيذ هذا البرنامج ليس ضمن قوام الحكومة، ومن يديرها ليس ضمن اعضاء الحكومة..؟!
لماذا لم يعين..؟
والمثير للتساؤل، انه لم يتم تعيين رئيس للمكتب القانوني، رغم صدور قرار بانشائه، كما حصل في مكتب رئاسة الوزراء، الذي تزامن صدور قرار، انشائه بقرار تعيين مديره.
مكتب بدلا عن وزارة
وهذا المكتب القانوني يعد بديلا لوزارة الشؤون القانونية التي الغيت من تشكيلة حكومة الرهوي.
والمتعارف عليه في التنظيم الاداري الحكومي ان الاقسام تطور إلى ادارات، والادارات إلى قطاعات، والقطاعات والهيئات والمؤسسات إلى وزارات، بعكس ما يحصل في صنعاء اليوم، تلغى الوزارة وتحول إلى مكتب.
تطور تاريخي
واذا ما عدنا الى التطور التاريخي لوزارة الشؤون القانونية سنجد انها اليوم عادت إلى هيكلها قبل الوحدة، حيث كانت تسمى في الشطر الشمالي من اليمن المكتب القانوني للدولة، قبل ان تتحول في العام 1988م إلى وزارة الشؤون القانونية وشؤون مجلس الشورى.
وبعد تحقيق الوحدة اليمنية في العام 1990 اصبحت وزارة الشؤون القانونية، ثم في العام 1994 اصبحت وزارة الشؤون القانونية وشؤون مجلس النواب، ومنذ العام 2001م استقر على تسميتها وزارة الشؤون القانونية.
ويتضح من التطور التاريخي ان تحويل المكتب القانوني للدولة إلى وزارة شؤون قانونية اقتضته المرحلة، فتطور السلطة التشريعية بتشكيل مجلس شورى منتخب في العام 1988 اقتضى تنظيم العلاقة بين السلطة التنفيذية (الحكومة) والسلطة التشريعية بتشكيل وزارة لتكون نافذة التواصل بين الحكومة التي تقترح مشاريع تعديل القوانين ومشاريع القوانين، والبرلمان المعني بالمصادقة عليها
عودة للوراء
والمثير للغرابة كيف تعود الوزارة إلى سابق عهدها قبل 36 عاما، رغم وجود برلمان، ودستور نافذ يؤكد على الفصل بين السلطات الثلاث.
تفسير
ولا تفسير لذلك سوى وجود توجه لدى سلطة الامر الواقع بتهميش دور البرلمان، وسلب صلاحياته في المصادقة على القوانين لصالح المكتب القانوني، والاكتفاء باصدارها من قبل رئيس المجلس السياسي الأعلى.
تراجع
وهذا الامر يعد تراجع كبير للتطوير المؤسسي للاجهزة الرسمية، ما يثير التساؤلات عن ماهية التطوير الاداري الذي أضيف إلى مسمى وزارة الخدمة المدنية في الحكومة الحالية..؟!
صلاحيات محدودة
ومن تشكيل مكتب رئاسة الوزراء والمكتب القانوني للدولة، يبدو ان حكومة الرهوي ستكون صلاحيتها محدودة، وما يسحب من صلاحياتها ستعطى للمجلس السياسي الأعلى، ربما تمهيدا لأن يكون رئيس المجلس السياسي الاعلى رئيسا للحكومة.
توجهات سلطة
ويبدو ان المرحلة القادمة ستشهد مزيدا من التغييرات في هيكلة الأجهزة الرسمية، بما يتوافق مع توجهات سلطة الامر الواقع، وهو ما سيجعلها بهيكل يبدو مختلفا في اجهزته عن الهيكل المؤسسي الرسمي منذ قيام الوحدة اليمنية قبل 34 عام.