تزايدت الأنباء مؤخرًا، عن تقديم روسيا دعماً عسكرياً للحوثيين في اليمن، وقالت مصادر ومسؤولون أمريكيون إن السعودية والولايات المتحدة نجحتا في ثني روسيا عن تزويد الحوثيين بشحنة من الصواريخ والمعدات العسكرية أواخر يوليو الماضي.
وبالنظر لطبيعة السجال بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، ليس غريباً أن تفكر أو تتجه روسيا لدعم الحوثيين عسكرياً، نظراً للأهمية الاستراتيجية لليمن على طريق التجارة العالمي وتأثير عملياتهم على الوجود الأمريكي في المنطقة.
والسبت 3 أغسطس الجاري، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر مطلعة قولها إن "روسيا كانت تستعد لتسليم صواريخ ومعدات عسكرية للحوثيين أواخر يوليو الماضي، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة بناء على ضغوطات وجهود سعودية وأمريكية".
وبحسب المصادر فإن "السعوديين فور أن علموا بخطط روسيا لتسليح الحوثيين حذروا موسكو من تسليح أحد أكبر خصومهم"، في حين قال مصدران إن "واشنطن طلبت بشكل منفصل من السعوديين، المساعدة في إقناع موسكو بعدم إرسال الشحنة".
وحتى اللحظة لم يتأكَّد تسلّم الحوثيين أسلحة أو معدات روسية، لكن شبكة "سي إن إن" أشارت إلى أن "روسيا نشرت أفراداً عسكريين في اليمن للمساعدة في تقديم المشورة للحوثيين أواخر يوليو الماضي".
كما نقلت الشبكة عن المصادر قولها إن "المسؤولين الأمريكيين شاهدوا سفناً روسية كبيرة تتوقف بشكل غير عادي في جنوب البحر الأحمر، ونزل منها أفراد روس، واستقبلهم عناصر من الحوثيين في قارب ونقلوهم إلى اليمن".
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤولين أمريكيين قولهم: إن "الروس نظروا إلى تسليح الحوثيين، وتقديم المشورة للحوثيين، وسيلة للانتقام من إدارة بايدن، لقرارها بالسماح لأوكرانيا بضرب داخل الأراضي الروسية باستخدام الأسلحة الأمريكية".
وبحسب الشبكة فإنه "من غير الواضح لمجتمع الاستخبارات الأمريكي ما إذا كان التحذير السعودي هو ما دفع روسيا للتخلي عن خطتها لتسليح الحوثيين، أم أنه كان واحداً من العوامل التي أدت لتراجع الرئيس بوتين وتغيير رأيه".
خبير عسكري يعلق
حول ذلك، علق الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء ركن محمد الصمادي، في تصريحات صحفية قال فيها إنه "من المنطقي أن تقوم روسيا بدعم جماعات أو دول، عسكرياً واقتصادياً، لمجابهة الدعم الأمريكي اللامنقطع والكبير لأوكرانيا في الحرب الروسية".
موضحًا أن "الرد على الدعم الأمريكي لأوكرانيا هو أهم الدوافع لروسيا في دعمها للحوثيين عسكرياً".
قائلا إن الحوثيين "قاموا منذ نهاية العام الماضي بإعاقة الملاحة عبر البحر الأحمر، وقد نجحوا في ذلك من خلال استهداف السفن الإسرائيلية، وانتقلوا لاستهداف القطع البحرية البريطانية والأمريكية".
مضيفًا أن "الولايات المتحدة منذ ذلك الحين تحاول أن تقيد قدرات الحوثيين العسكرية، من خلال الاستهداف وقصف ميناء الحديدة، وتدمير الطائرات المسيرة ومنصات إطلاق الصواريخ والرادارات".
مشيرا إلى أن مليشيات الحوثي "بحاجة لمنظومات دفاع جوي ورادارات وصواريخ قادرة على ضرب القطع البحرية، وهذا من شأنه أن يشكل خطورة كبيرة جداً على القطع البحرية البريطانية والأمريكية التي تعبر البحر الأحمر والمحيط الهندي وبحر العرب".
لافتا إلى أن "استعانة الولايات المتحدة بالسعودية يهدف إلى الضغط على روسيا، لوقف تصدير الأسلحة للحوثيين واستخدام نفوذها لإجبار موسكو على ذلك، التي لا تريد أن تضحي أيضاً بالعلاقات مع المملكة".
وقال الصمادي: "بالرغم من تجميد إرسال شحنة الأسلحة الروسية إلى الحوثيين، فإن هذا لا يمنع إعادة إرسالها مجدداً".
وأضاف أن "الرياض تسعى لعدم وصول أي أسلحة نوعية من روسيا للحوثيين، كـ"صواريخ كروز" أو الصواريخ فرط صوتية أو تلك المضادة للسفن، خشية أن تستخدم مستقبلاً لاستهداف مصالحها".
وتابع أن "الأسلحة الروسية سيكون لها تأثير كبير جداً حيث تمتلك قدرات تفجيرية عالية، ودقة إصابة، وتستطيع أن تتعامل مع القطع البحرية، وقد تكون قادرة على مقاومة الحرب الإلكترونية والتشويش".
وقال إن "روسيا نشرت خبراء في اليمن لمساعدة الحوثيين منذ عدة أشهر، وعلى الرغم من موافقتها على القرارات الأممية التي تستهدفهم فإنها لا تزال تقيم علاقات معهم:.
وأردف: "حتى ولو لم تصل الأسلحة الروسية للحوثيين فإن لديهم عدة صواريخ، بعضها يصل مداه إلى قرابة 2000 كم، وقادرة على ضرب تل أبيب وحيفا، إضافة إلى صواريخ بمديات مختلفة، وطائرات مسيرة، وزوارق مسيرة انتحارية".
وقال إن الحوثيين لديهم أيضاً قدرات تقنية روسية وأخرى كورية أو إيرانية، مضيفًا: "إيقاف صفقة الأسلحة الروسية قد تؤثر على قدرات الحوثيين، لكن ما لديهم من أسلحة ودعم إيراني كفيل أن يجعلهم قادرين على الاستمرار في إعاقة الملاحة في البحر الأحمر".