بعد نجاح صنعاء في الضغط على السعودية والحكومة اليمنية لإلغاء قرارات التصعيد ضد البنوك التجارية، وقرار إغلاق مطار صنعاء، وهو التصعيد الذي رعته الولايات المتحدة لإجبار قوات صنعاء على وقف عملياتها المساندة لغزة، لوحت واشنطن هذا الأسبوع بتصعيد جديد ومباشر ينطوي على نفس مضامين وتأثيرات القرارات الاقتصادية التي تم إلغاؤها، وذلك من خلال تصنيف حركة “ملبشيا الحوثي"كمنظمة إرهابية أجنبية.
ونشر موقع شبكة “إيه بي سي” نيوز الأمريكية، قبل يومين، تقريراً، نقل عن المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ قوله: “إن تصنيفاً رسمياً أكثر صرامة للحوثيين أصبح قيد الدراسة بشكل متزايد”.
وأضاف: “هناك المزيد والمزيد من الحديث الآن عن تصنيف (المنظمة الإرهابية الأجنبية)، والذي نشعر أنه سيكون له بعض التنازلات، مع قدرتنا على دعم النشاط الإنساني والتجاري في اليمن”.
وأوضح التقرير أن “تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمة الإرهابية الأجنبية، من شأنها أن يضع الحوثيين في نفس مرتبة تنظيم القاعدة وحماس، وسيجعل من الصعب على المنظمات الإنسانية الدولية العمل داخل اليمن من خلال اشتراط الحصول على ترخيص للتعامل مع الحوثيين، الذين يسيطرون على موانئ رئيسية بما في ذلك الحديدة والعاصمة صنعاء”.
وقال ليندركينغ: “الحوثيون هم الذين يقودون هذا الحوار ويضعون هذه الخيارات على الطاولة، والتي كنا نعتقد جميعاً، قبل أشهر، وعندما تولى جو بايدن منصبه لأول مرة، أنها ليست الطريق الصحيح، ولكن عندما يتصرف الحوثيون بوضوح شديد ويتصرفون كمنظمة إرهابية، فإن هذا يفرض طرح هذه الأسئلة”.
ويختلف تصنيف “المنظمة الإرهابية الأجنبية” عن التصنيف الذي سبق أن أعلنته الولايات المتحدة للحوثيين كـ”منظمة إرهابية عالمية محددة بشكل خاص”، حيث يتضمن التصنيف الأول قيوداً اقتصادية مشددة لا يتضمنها التصنيف الثاني.
وجاء تصريح ليندركينغ تزامناً مع توصل حكومة صنعاء والسعودية إلى اتفاق “خفض تصعيد” لإلغاء قرارات البنك المركزي في عدن بشأن نقل البنوك والمصارف من صنعاء، وإعادة فتح مطار صنعاء، وهو تصعيد رعته الولايات المتحدة للضغط على حكومة صنعاء من أجل وقف عملياتها المساندة لغزة، حيث كشفت وكالة “بلومبرغ”، في يونيو الماضي، أن قرارات البنك المركز في عدن “تحظى بدعم الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين”، وذكرت أن “مسؤولاً بوزارة الخارجية الأمريكية، شدد على أن الاتفاقيات المرتبطة بما يسمى بخارطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة لا يمكن أن تستمر إلا إذا أوقف الحوثيون هجمات البحر الأحمر”.
ووفقاً لذلك فإن التلويح بإدراج حركة “ مليشيا الحوثي” في تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية، يأتي كتعويض للتصعيد المنتهي، والذي سبب توتراً كبيراً بين صنعاء والرياض وصل إلى حد الاقتراب من عودة الحرب، حيث يرى مراقبون أن السعودية استطاعت أن تحصل على موافقة أمريكية لإبرام الاتفاق الأخير للحفاظ على حالة التهدئة.
ويشير المراقبون إلى أن التلويح بالتصنيف الجديد يشير إلى أن الولايات المتحدة قررت التصعيد بشكل مباشر بدلاً عن الاستعانة بالسعودية والحكومة اليمنية، لأن التنصيف ينطوي على قيود اقتصادية من شأنها أن توقف عمل البنوك التجارية والمصارف العاملة في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، بحُجة أنها تتعامل مع منظمة إرهابية، بالإضافة إلى أن التصنيف قد يعيق تقدم مشاورات السلام بين حكومة صنعاء والرياض، وهو الأمر الذي كشفت “بلومبرغ” في يونيو الماضي أن الولايات المتحدة تصر عليه بهدف إجبار حكومة صنعاء على وقف عملياتها في البحر الأحمر.
ونقلت شبكة “أيه بي سي نيوز” الأمريكية، عن نائبة رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، فريا رادي، قولها إن “التصنيف الإرهابي الأولي للحوثيين في يناير الماضي لم يكن له أي تأثير ملموس على العمل الإنساني الذي تقوم به المنظمة”، مضيفة أن “اللجنة الدولية للصليب الأحمر تشعر بالقلق إزاء أي تدابير إضافية قد يكون لها آثار سلبية على السكان المتضررين وتقديم المساعدة الإنسانية المحايدة”،
وقالت إن “90% من الغذاء في اليمن يتم استيراده وأن تدابير مكافحة الإرهاب يمكن أن تخلق أعباء إدارية ولوجستية إضافية”، مشيرة إلى أن “المنظمات الإنسانية لا تستطيع أن تحل محل نظام الاستيراد التجاري”.