حذرت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، من خطر استمرار التصعيد العسكري في المنطقة في إطار حديثها عن التصعيد بين اليمن وإسرائيل. وأكدت ديكارلو أن "اتساع رقعة التصعيد في المنطقة يشكل خطرا حقيقيا، وأي سوء تقدير قد يؤدي إلى كارثة على المنطقة بأجمعها".
وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية خلال اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي مساء الإثنين بتوقيت نيويورك بطلب من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا لنقاش ضربات جماعة الحوثي ضد إسرائيل. وعقد الاجتماع تحت بند "تهديدات للأمن والسلم الدوليين".
وتحدثت المسؤولة الأممية بداية عن التطورات على الأرض خلال الأيام الأخيرة، بما فيها ضرب طائرة مسيرة لمبنى في تل أبيب، مما أدى إلى مقتل إسرائيلي بسبب الشظايا وإصابة عشرة آخرين. وأشارت إلى تبني الحوثين للعملية. ولفتت الانتباه لتنديد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس بالهجوم. كما أشارت ديكارلو إلى تقارير للجيش الإسرائيلي مفادها أن "تقيمه الأولي حدد أن المسيرة هي إيرانية معدلة من طراز صامد 3 تم إطلاقها من اليمن، وأن قواته اعترضت مسيرة أخرى في نفس الإطار الزمني".
ثم توقفت ديكارلو عند الغارات الإسرائيلية التي نفذت ضد مواقع مدنية في اليمن أبرزها ميناء الحديدة. وأشارت إلى المزاعم الإسرائيلية لاستخدام الحديدة "كطريق الإمداد الرئيسي لنقل الأسلحة الإيرانية من إيران إلى اليمن" دون أن تؤكد صحتها أو تنفيها. ومن اللافت أن غوتيرس لم يندد بالهجمات الإسرائيلية على الرغم من استهدافها البنية التحتية المدنية في اليمن. كما أشارت ديكارلو إلى مقتل تسعة يمنيين وجرح أكثر من ثمانين آخرين نتيجة الهجمات الإسرائيلية.
وتحدث المسؤولة الأممية عن بعض الأضرار الناجمة عن الهجمات الإسرائيلية، مؤكدة في الوقت ذاته أن "حجم الأضرار التي لحقت بالميناء ما زالت غير واضحة، حيث لا تزال الحرائق مشتعلة. ومع ذلك، أفادت السلطات المحلية أن الميناء يعمل بقدرة محدودة". وشددت ديكارلو على أهمية ميناء الحديدة "كشريان الحياة لملايين اليمنيين، حيث يعتمد اليمن على الواردات والمواد الأساسية مثل الغذاء والدواء والوقود، التي يصل أغلبها عبر الحديدة". كما أشارت إلى التصعيد في مناطق أخرى بما فيها جنوب لبنان وغزة.
أما رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، اللواء مايكل بيري، فقدم إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي من مقر البعثة في الحديدة عبر تقنية الفيديو. واستهل بيري مداخلته بداية قائلا "اسمحوا لي أن أذكر بإيجاز بمسؤوليات البعثة في إطار اتفاق استوكهولم لعام 2018، ووفقًا للتفويض الصادر عن هذا المجلس، وآخرها بموجب القرار 2742، فإن البعثة تدعم الأطراف اليمنية في تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق، بما في ذلك وقف إطلاق النار شامل في محافظة الحديدة. كما تقوم البعثة، كجزء من مسؤولياتها الرقابية، بتسيير دوريات منتظمة في موانئ الحديدة...بهدف الحفاظ على الطبيعة المدنية للموانئ". ولفت بيري الانتباه إلى أن سبعين بالمئة من الواردات لليمن تدخل عبر موانئ الحديدة.
وأشار المسؤول الأممي إلى استهداف إسرائيل خلال هجماتها الأخيرة "لميناء لمستودعات الوقود ورافعات الموانئ...ومحطة لتوليد الكهرباء ومقراً للشرطة". وأكد "إن النيران في مستودع الوقود ما زالت مشتعلة".
وأشار إلى قيام بعثته بدورية، في وقت سابق الإثنين، ضمن إطار الدوريات العادية. وقال إن الدورية لاحظت "آثار الغارة وما لحق من ضرر في مستودعات الوقود والمركبات ورافعات الموانئ وكذلك بإطفائيات وأربعة سفن رست في الميناء". وتحدث عن الصعوبات والظروف التي تعمل تحتها البعثة وأشار إلى تقييد عملها جغرافيا كما حركتها من قبل الحوثيين. وذكر بضرورة السماح لها بالتحرك بحرية أكبر.
من جهته، دان نائب السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، روبرت وود، هجمات الحوثي على تل أبيب. وأضاف "تظهر هذه الأفعال بشكل لا لبس فيه التهديد المتزايد للسلم والأمن الدوليين الذي يشكله الحوثيون ومن يدعمهم في طهران". وانتقد وود الدول التي تشير إلى أن عمليات الحوثي تأتي بسبب الصراع في غزة وكدعم ضد الهجمات الإسرائيلية هناك. ووصف المندوب الأميركي جماعة الحوثي بـ"الإرهابية" قائلا "إن الوقت قد حان للتوقف عن خلق الأعذار للحوثيين، فالرد المناسب والوحيد هو إدانة هذه الاعتداءات والمطالبة بوقفها فوراً ودون شروط. وبالإضافة إلى ذلك، تدعم الولايات المتحدة حق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة هذه الهجمات غير المسبوقة، وترفض أي جهود يبذلها أعضاء هذا المجلس للاحتجاج على هذا الحق".
وطالب وود المجلس باتخاذ "إجراءات إضافية للرد على التهديدات المتزايدة من الحوثيين. ومن المهم بنفس القدر معالجة دور إيران في هذه الهجمات وغيرها ومحاسبتها". ورأى الدبلوماسي الأميركي أن "توفيرهذه الأسلحة وغيرها من الأسلحة الفتاكة للإرهابيين يشكل انتهاكا لقرارات هذا المجلس، بما في ذلك على وجه الخصوص حظر الأسلحة الذي فرضه القرار 2216. ولم يعد هذا المجلس قادرا على تجاهل هذه الحقيقة، ويجب عليه أيضا الرد على طهران على انتهاكاتها الصارخة لقراراته المتعلقة بتسليح الجماعات الإرهابية". ثم وجه حديثه للدول الأعضاء قائلا "اسمحوا لي أن أكون واضحا، أي عضو في المجلس يقف في طريق محاسبة الحوثيين وإيران، فهو متواطئ في تقويض مصداقية قرارات هذا المجلس".
من جهته، دان مندوب روسيا، فاسيلي نيبنزيا، أي هجمات على مواقع مدنية ومدنيين بما فيها تلك التي استهدفت تل أبيب. وتحدث مطولا عن الوضع في غزة ومقتل عشرات الألاف من الفلسطينيين واستمرار هجمات تل أبيب على الفلسطينيين في غزة ومناطق أخرى. ولفت نيبنزيا الانتباه إلى دعم واشنطن لإسرائيل وعدم التزام الأخيرة بأي من قرارات مجلس الأمن واستمرارها في انتهاك كل القوانين الدولية.
وتساءل المندوب الروسي عن سبب صمت الولايات المتحدة إزاء استمرار إسرائيل بقتل المدنيين الفلسطينيين. واتهم الولايات المتحدة بالتواطؤ مع إسرائيل في حربها على غزة. كما لفت الانتباه إلى الأوضاع الإنسانية الصعبة في اليمن. وذكر المجلس أن مطالب الحوثي مرتبطة بوقف إطلاق النار في غزة. وحذر من اتساع رقعة الصراع مشددا على أن الخروج من الأزمة يأتي بوقف إطلاق النار في غزة ووقف العنف.