نورالإيمان يفعل المعجزات إذا ما أصاب قلب إنسان، فإنه ينقله من ذل المعصية إلى عز الطاعة، وهكذا فعل نور الإسلام فى قلب هذا الصحابى الجليل أبوذر الغفارى فالإيمان يصبغ نفسية الإنسان بصبغة الكمال.
ولد أبوذر الغفارى، رضى الله عنه، فى قبيلة غفار، وقد اشتهرت هذه القبيلة بالسطو، وقطع الطريق وكان هو ضمن قطاع الطريق، حتى إنه بلغ من الجرأة أن يقطع الطرق وحده، ويُغير على الناس وسط النهار دون خوف.
مع ذلك كان رضى الله عنه فى الجاهلية ممن تألَّه، فعرف التوحيد من قبل بعثة النبى، صلى الله عليه وآله وسلم وكان يقول: «لا إله إلا الله» ولا يعبد الأصنام، ويستنكر على قومه فساد معتقدهم.
وقد علم أبوذر الغفارى، رضى الله عنه، بمبعث النبى صلى الله عليه وآله وسلم فانطلق إليه فى مكة وطلب منه أن يعرض عليه الإسلام، ليدخل نور الإيمان إلى قلبه وعقله وروحه فأسلم، وحثه النبى، صلى الله عليه وسلم، على كتمان إيمانه، إلا أن أباذر قال: والذى بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم.
وعاد أبوذر، رضى الله عنه، إلى قبيلته يدعوهم إلى الإسلام حتى أسلمت قبيلته، فأتى بها النبى، صلى الله عليه وسلم، فى المدينة ومعها قبيلة أسلم، وحينها قال رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم: «غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله». ومن شدة حرصه على الجهاد قيل إن أباذر فى الطريق إلى غزوة تبوك تعثرت ركوبته فحمل متاعه ولحق بالجيش على قدميه.
أقام أبوذر فى باديته حتى مضت بدرٌ وأحدٌ والخندقُ، ثم قدم إلى المدينة، وانقطع إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، واستأذنه أن يقوم فى خدمته، فأذن له، ونَعِمَ بصحبته، وسَعِدَ بخدمته، وظلَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يؤثره ويكرمه، فما لقيه مرةً إلا صافحه، وهشَّ فى وجهه وبشَّ.
وصدق فى أبوذر نبوءة النبى، صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال: «رحم الله أباذر يمشى وحده ويموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده».. فعندما حضرته الوفاة أخذت زوجته تبكى على حاله وكيف سيموت فقيرًا وحيدًا بعيدًا عن الناس، فقال لزوجته مبتسمًا إنه كان جالسًا مع رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وبعض الصحابة فقال الرسول: «ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين»، وقال لها إن جميع من حضروا ما قاله الرسول ماتوا فى جماعة، وأنا من بقيت.
وقال لها إذا أنا مت راقبى الطريق لأن عددا من المؤمنين سيحضرون لدفنى برغم فوات ميعاد الحج، وأنا كلى ثقة فى نبوءة الرسول فغسلونى وكفنونى ووضعونى على قارعة الطريق.
ثم مات فكفنته زوجته وغلامه ووضعاه على قارعة الطريق عسى أن يتكفل به من يمرون ببيتهم فى الصحراء حتى مر سيدنا عبد الله بن مسعود مع جماعة من مسلمى العراق فقالت لهم زوجته إن هذا صاحب رسول الله أبا ذر فصلوا عليه ودفنوه وبكى عبدالله بن مسعود وقال: صدق رسول الله عندما قال فيك: «تمشى وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك».
اذا اتممت القراءة شارك بذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم