الثلاثاء ، ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ ساعة ٠٤:٥٩ صباحاً

الصحفيون يطوون عامًا داميًا في اليمن

طوى العام 2019 صفحاته بمأساة كبيرة على الصحفيين اليمنيين الذين يواصلون نزيف حبرهم ودماءهم في آن واحد.

عام مفزع للصحفيين الذين ودعوا قتيلين من زملائهم، بنيران مسلحي الحوثي خلال أحداث العام المؤسفة، ليرتفع عدد الصحفيين الذين قتلوا على يد مسلحي الحوثي وطيران التحالف العربي وعناصر متطرفة إلى 35 صحفيًا حسب نقابة الصحفيين اليمنيين.

وما يزال 18 صحفيًا مغيبين في المعتقلات، 16 منهم لدى جماعة الحوثي، وصحفي لدى الحكومة وصحفي آخر لدى تنظيم القاعدة بحضرموت.

وتعرض الصحفيون الذين اعتقل أغلبهم منذ العام 2015 لشتى أنواع التعذيب والمعاملة القاسية، إذ وثقت نقابة الصحفيين خلال العام المنصرم 15 حالة تعذيب طالت الصحفيين المختطفين لدى الأمن السياسي بصنعاء.

وتعرض الصحفيون للضرب والتعذيب الجسدي والمعنوي، وحرموا من حق التطبيب والتغذية الجيدة ويعانون حالة صحية صعبة في ظروف اعتقال قاسية.

ولم تكتف جماعة الحوثيين بذلك بل بدأت بمحاكمة الصحافيين أمام المحكمة الجزائية المتخصصة “محكمة أمن الدولة” بتهمة العمالة ونشر أخبار لصالح العدوان حسب توصيفها، وهي التهمة الموجهة لكل المخالفين لسلطتهم.

ويرفض الصحفيون المثول أمام هذه المحكمة التي لا تتوفر أمامها أدنى شروط المحاكمة العادلة، ولها تاريخ سيء في الحكم على الصحفيين، كحالة الصحفي يحيى عبدالرقيب الجبيحي الذي حكمت عليه المحكمة بالإعدام بحسب محامين.

ويقول سكرتير لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين، أشرف الريفي أن النقابة ترفض محاكمة الصحفيين أمام محكمة أمن الدولة لأنها ليست متخصصة بقضايا الصحافة بقدر تخصصها بقضايا الإرهاب وأمن الدولة، ولا تتوفر فيها ضمانات المحاكمة العادلة.

وقال الريفي إن الهدف من هذه المحاكمة الصورية هو إدانة الصحفيين، في محاولة بائسة للتغطية على الجرائم التي تعرض لها الزملاء المختطفون منذ أكثر من أربعة أعوام.

134 حالة انتهاك خلال عام وتقول نقابة الصحفيين اليمنيين إن الحريات الإعلامية خلال العام 2019م تعرضت لـ 134 حالة انتهاك ارتكبتها أطراف عدة من أطراف الصراع التي أظهرت خصومة شديدة تجاه الحريات الصحافية، وانتهجت سياسة تنكيل وتخوين تجاه كل مختلف عنها وكل صاحب رأي.

وتصدرت جماعة الحوثي قائمة المنتهكين للحريات خلال العام الماضي بارتكابها لـ 62 حالة من إجمالي الانتهاكات بنسبة 46.3%، يليها الحكومة بمختلف هيئاتها وتشكيلاتها بـ 44 حالة انتهاك بنسبة 32.8%، فيما قيدت 13حالة ضد جهات مجهولة بنسبة 9.7%.

وارتكب موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي 10 حالات بنسبة 7.5%، فيما ارتكبت جهات قبلية 3 حالات بنسبة 2.2%، و ارتكب التحالف العربي حالتين بنسبة 1.5%.

ولعل السمة الأبرز في هذا العام أن كافة الأطراف المتصارعة في اليمن مارست انتهاكات بحق الصحافة والصحفيين ولو بنسب متفاوتة، وفق نقابة الصحفيين، التي أكدت أن الصحفيين صاروا هم الهدف السهل في ظل ضعف البنية والبيئة الحقوقية المدافعة عن الحريات. وتنوعت الانتهاكات التي طالت الصحفيين بين الاختطافات بـ 31 حالة بنسبة 23.1% من إجمالي الانتهاكات حسب احصائيات النقابة، ثم الاعتداءات بـ 24 حالة بنسبة 17.9%، و المحاكمات والتحقيقات بـ 23 حالة بنسبة 17.2%، والتعذيب بعدد 15 حالة بنسبة 11.2%، ثم المنع من التغطية الصحافية ومنح حقوق الصحافيين بـ13 حالة بنسبة 9.7%، ثم التهديد والتحريض على الصحفيين بعدد 11 حالة بنسبة 8.2%.

يلي ذلك حجب المواقع الإلكترونية بـ 10 حالات بنسبة 7.5%، ومصادرة الصحف وممتلكات الصحفيين بـ 5 حالات بنسبة 3.7%، وأخيرًا حالتي قتل بنسبة 1.5%.

والجديد في العام 2019 هو دخول المجلس الانتقالي الجنوبي لينافس الحوثيين والحكومة في قمع الصحفيين، حيث تعرض عشرات الصحفيين الذين هربوا من تعسف الحوثيين إلى مدينة عدن للمضايقات والمطاردة خصوصًا بعد أحداث أغسطس الفائت بين الحكومة والمجلس الانتقالي وانتهت بسيطرة المجلس الانتقالي على مدينة عدن.

حيث اضطر العشرات من الصحفيين إلى الهروب من عدن إلى مدينتي تعز والمهرة بعد أن تعرضوا للملاحقة وتلقوا التهديدات، فيما تعرض البعض للاعتداءات والسجن حسب مصدر نقابي مسئول.

استمرار فقدان الصحفيين لأعمالهم ولعل القضية المسكوت عنها هي قضية فقدان الصحفيين لأعمالهم بعد أن توقفت وسائل الإعلام، وتعرض بعضها للاقتحام والنهب والمطاردة ،ناهيك عن توقف رواتب العاملين في وسائل الإعلام الرسمية الواقعة في مناطق سيطرة الحوثيين.

وحسب معلومات مؤكدة حصل عليها “المشاهد” فإن مساعي كانت قامت بها نقابة الصحفيين والاتحاد الدولي للصحفيين لتسليم رواتب الصحفيين في وسائل الإعلام الرسمية، إلا أن مكتب الرئاسة رفض ذلك بحجة أن هذه الوسائل تقع تحت سيطرة جماعة الحوثيين.

واضطر عدد من الصحفيين الذين فقدوا اعمالهم بسبب الحرب إلى العمل في الاعمال الحرة، لتوفير مستلزمات الحياة لهم ولأسرهم.

ولايزال هناك أكثر من أربعين صحيفة موقوفة في اليمن منذ بدء الحرب وأكثر من ألف صحفي يعيشون بدون رواتب وتطالهم الملاحقات والتعسفات بشكل مستمر، ناهيك عن العشرات من الذين يعيشون حالة الشتات خارج اليمن بسبب مطاردة الحوثيين لهم.

لتستمر حالة الفتك بالصحفيين دون مساندة حقيقية وفاعلة من قبل الجهات المعنية والمنظمات المعنية بحرية الرأي والتعبير.

منع صحفيين من السفر ويغفل البعض عن المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون في مطارات عدن وسيئون ومنع بعضهم من السفر بدواعٍ واهية كما حدث مع الصحفي صبري بن مخاشن الذي منع لمرتين خلال العام 2019 من السفر عبر مطار سيئون بحجة وجود توجيهات من محافظ حضرموت لمنعه من السفر حسب الصحفي بن مخاشن.

وفي مطار عدن منع عديد من الصحفيين بتهم وجود تأشيرات دخول في جوازاتهم لبعض الدول أو لأسباب جهوية تتعلق بالمناطق التي يعيشون فيها.