بدأت مليشيا الحوثي المسلحة حملة مطاردة جديدة للقبض على مؤيدي الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بتهمة التعاون مع الأمريكيين والإسرائيليين-حسب ما أفادت مصادر متعددة في مناطق سيطرة الحوثيين.
يأتي ذلك بعد إعلان الجماعة في السادس من مايو/أيار الجاري إلقاء القبض على عدد من اليمنيين “لخلية استخباراتية تعمل لصالح الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي”.
وقالت المصادر إن الأجهزة الأمنية التابعة للحوثيين بما في ذلك “جهاز الأمن والمخابرات” أطلقت حملة مطاردة لمؤيدي الرئيسي السابق وأعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام في معظم المحافظات الخاضعة لسيطرتهم بتهم “الخيانة”.
وقال مسؤول في الحزب بالعاصمة صنعاء مطلع على التفاصيل لـ”يمن مونيتور”: أُعتقل العشرات من أعضاء الحزب من قراهم ومناطقهم، القيادات السياسية تتعرض للمراقبة الدائمة أو الإقامة الجبرية.
لفت المسؤول إلى أن قيادات الحزب “تلقت تهديدات منذ عدة أسابيع ببدء حملة لملاحقة أعضاء من الحزب في معظم المحافظات؛ بعد أن كان قيادات الحزب يضغطون سياسياً منذ العام الماضي بخصوص تحسين معيشة الناس”.
ما وراء ابتذال قادة الحزب؟!
ويشير المسؤول إلى أن الجماعة تركز على استهداف ومراقبة أعضاء المؤتمر في صنعاء والحديدة وتعز وإب بشكل رئيس تليها بقية المحافظات.
وقال مسؤول ثان في الحزب إن قيادات المؤتمر في صنعاء تبذل جهدها بابتذال من أجل عدم تعرضهم لحملة الجماعة المسلحة بما في ذلك رئيس الحكومة ورئيس البرلمان (غير المعترف بهما دولياً) حيث ظهروا في مقاطع فيديو لإطلاق النار ضمن دورات الجماعة المسلحة.
وخلال الأسابيع الماضية ظهر قادة في حزب المؤتمر ومسؤولين في سلطة الجماعة في دورات قتال في “تأكيد لقادة الحوثيين أنهم ليسوا ضمن أي خطط لزعزعة حكم الجماعة”.
وأشار المسؤول الثاني إلى أن “إذلال الحوثيين لقادة الحزب رسالة للأعضاء بعدم وجود أي حماية ودفعهم للانخراط في صفوف الجماعة المسلحة في دورات القتال الجديدة”!
وقال محمد يحيى وهو “عاقل حارة” في أمانة العاصمة صنعاء لـ”يمن مونيتور” إن اجتماعاً الأسبوع الماضي مع مسؤولين أمنيين طلبوا من “عُقال الحارات” تحديث بيانات الساكنين في المنطقة.
ولفت إلى أنه في وقت لاحق أبلغ مسؤول في الجماعة (مشرف المربع السكني) عدد من العُقال بمراقبة بعض العائلات والشخصيات في مناطق سكنهم لمعرفة المزيد من التفاصيل حول سفرهم، “معظمهم من الموالين السابقين لعلي عبدالله صالح”!
في مدينة الحديدة غربي اليمن قال مصدر أمني إن حملة مراقبة وملاحقة غير مسبوقة بدأها جهاز الأمن والمخابرات في معظم مديريات المحافظة الساحلية.
وقال إن بعض العمليات الصغيرة توكل إلى مديريات الأمن بملاحقة شخصيات واعتقالها لكن من يقودها هم قادة حوثيون من صعدة وحجة.
صور وزعها الحوثيون قالت إنها لجواسيس تابعين للولايات المتحدة واسرائيل مع بدء حملة اعتقالات الموالين للرئيس السابق
مبررات الحملة
كانت حملة مطاردة أنصار علي عبدالله صالح قد توقفت جزئياً بعد أشهر من قتله على يد الحوثيين في عام 2017م، وحسب مسؤولين في الحزب فإن 2022 و2023 كان كثير من الأعضاء الذين اعتقلوا دون توجيه اتهامات قد أصبحوا خارج السجون، تصاعدت مخاوف الحوثيين من احتجاجات أنصار صالح بعد تظاهرات ذكرى ثورة سبتمبر/أيلول الماضي حيث اعتقل المئات منهم، وأفرج عن عشرات لاحقاً.
في جلسة مقيل بالعاصمة صنعاء السبت الماضي جرى مناقشة “الخلية الاستخباراتية” التي أعلنها الحوثيون بوجود مسؤولين أمنيين للجماعة، قال أحد المسؤولين الذي يُعرف ب”أبو يوسف الحكيم” إن أنصار صالح الذين وصفهم ب”العفافيش” ضمن مخطط أمريكي لإشعال تظاهرات في صنعاء والمحافظات الأخرى “لتفكيك الجبهة الداخلية”.
وقال المسؤول الحوثي في المقيل إن عمار صالح تواصل مع عشرات الخلايا في المحافظات إما لمعرفة مناطق إطلاق الصواريخ الباليستية وتسليمها للأمريكيين، أو الاستعداد للخطة اللاحقة لزعزعة الاستقرار والأمن.
“عمار صالح” وكيل جهاز الأمن القومي السابق والذي يدير وحدة مخابرات تابعة لدولة الإمارات إلى جانب قيادة المخابرات التابعة لشقيقة “طارق صالح” في الساحل الغربي للبلاد. واتهمه الحوثيون بقيادة الخلية الاستخباراتية المعلن عنها في السادس من مايو الجاري.
وسخر المسؤول الأول في حزب المؤتمر من المبررات التي ذكرها له وقال إن الحملة كانت جاهزة منذ سبتمبر 2023 قبل بدء الهجمات البحرية للجماعة، بعد اتهام “أعضاء المؤتمر بالخروج للشوارع للمطالبة بسقوط نظام حكم الجماعة والتحذير من عودة نظام الإمامة الكهنوتي”.
استفراد بالسلطة
وكان الحوثيون قد أعلنوا في سبتمبر/أيلول الماضي عن “التغيّرات الجذرية” ومرحلتها الأولى، والتي تحفظ عليها حزب المؤتمر الشعبي العام الموالي لصالح الذي يعتبر حليفاً للحوثيين.
ويُعتقد أن خطة الحوثيين تقضي بإقصاء من تبقى من أعضاء الحزب من مؤسسات الدولة إلى جانب استحواذ المراكز المالية الجديدة للجماعة على التجارة من “التجار الذين كانوا موالين في حكم علي عبدالله صالح”.
واعتبر المسؤول الأول في حزب المؤتمر أن “حملة الاعتقالات ليست بسبب البحر الأحمر وأي عمليات استخباراتية بل لتهدئة مخاوف الجماعة من غضب الناس بعد انتهاء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة”!
وتحدثت المصادر شريطة عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالحديث لوسائل الإعلام