هل يجوز للإنسان أن يكتطم الريح في الصلاة؟ ويمكن أن يخرج من الصلاة مرة أو مرتين، فهل يستطيع الإنسان كتمها بعد ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: يكره للمسلم أداء الصلاة مع وجود ما يقلقه أو ما يشغل باله أو يقتضي صرفه عن صلاته ، أو يقطع خشوعه: كالصلاة بحضرة الطعام، أو مع مدافعة الأخبثين وحبس الريح، وكذلك كل ما يشغل الإنسان لا يصلي في حال اشتغاله، وإن كانت تلك المدافعة لا تبطل الصلاة ولا تجيز الخروج منها، إلا أن يخرج الريح فتبطل الصلاة.
وقد نص الجمهور على كراهة إبتداء الصلاة، والدخول فيها لمن كان يدافعه الأخبثان، وحملوا نفي الصلاة الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم قال: ” لا صلاة بحضرة الطعام، ولا لمن يدافعه الأخبثان” (رواه مسلم)، من حديث عائشة رضي الله عنها على نفي الكمال، وليس نفي الصحة، قال الإمام الصنعاني رحمه الله في “سبل السلام”: أي لا صلاة وهو”أي المصلي” يدافعه الأخبثان: البول والغائط، ويلحق بهما مدافعة الريح، فهذا مع المدافعة، وأما إذا كان يجد في نفسه ثقل ذلك، وليس هناك مدافعة، فلا نهي عن الصلاة معه، ومع المدافعة فهي مكروهة.
قيل: تنزيلها لنقصان الخشوع، فلو خشي خروج الوقت إن قدم التبرز وإخراج الأخبثين، قدم الصلاة، وهي صحيحة مكروهة، وحديث عائشة، وإن كان ظاهره يدل على بطلان صلاة من هذه صفته إلا أن هذا الظاهر مصروف بحديث عباد بن تميم عن عمه: أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل، الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال:( لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) “متفق عليه”.
قال النووي في المجموع: يكره أن يصلي، وهو يدافع البول أو الغائط أو الريح، أو يحضره طعام أو شراب تتوق نفسه إليه، لحديث عائشة، قال أصحابنا “أي الشافعية”:فينبغي أن يزيل هذا العارض ثم يشرع في الصلاة، فلو خاف فوت الوقت فوجهان: الصحيح الذي قطع به جماهير الأصحاب: أنه يصلي مع العارض، محافظة على حرمة الوقت، ثم يقضيه، لظاهر هذا الحديث، ولأن المراد من الصلاة الخشوع، فينبغي أن يحافظ عليه، وقال عز الدين بن عبد السلام في “قواعد الأحكام”: أن ينهى عن الشيء لفوات فضيلة في العبادة فلا يقتضي الفساد: كالنهي عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين، فإنه ينهى عن ذلك لما فيه من تشويش الخشوع، ولو ترك الخشوع عمدا لصحت الصلاة، وعليه فإن إضطرت المدافعة أثناء الصلاة، فلا حرج عليك وصلاتك صحيحة إن شاء الله، قال ابن قدامة في” المغني” إذا كان حاقنا كرهت له الصلاة حتى يقضى حاجته، سواء خاف فوات الجماعة أو لم يخف والله اعلم