أبدت قيادات حوثية كبيرة على رأسهم، مهدي المشاط، ومحمد علي الحوثي، وحسين العزي، ومحمد البخيتي، وعلي القحوم، مخاوف غير مسبوقة من ترتيبات سياسية وعسكرية للحكومة المعترف بها دوليا، وتحركات دولية وإقليمية.
و توقعت وسائل إعلام مقربة من الحوثيين "تصعيدا قادما مدعوما دوليا"، واستشهدت بالتحركات الدولية والإقليمية، إلى جانب الترتيبات العسكرية للمجلس الرئاسي في الجبهات مؤخرا، واتفاق المكونات والأحزاب في جبهة الشرعية على تشكيل تكتل سياسي واسع لمناهضة الانقلاب الحوثي.
ومؤخرا، تسلمت قوات "درع الوطن" التي أعلن تشكيلها مطلع 2023، أولى جبهاتها مع الحوثيين على حدود لحج وتعز.
فيما توعد رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد العليمي خلال زيارته مأرب، بنبرة غير معهودة، بتحرير كامل المحافظات من قبضة الحوثيين.
وفي العاصمة عدن، اجتمع نحو 24 حزبا ومكونا، بمن في ذلك ممثلون عن المجلس الانتقالي والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، على أن يتم تشكيل تكتل سياسي واسع في الأيام المقبلة بدعم دولي ضمن توافقات سياسية تضع الحوثيين أمام مواجهة مقبلة محتومة، وفق مراقبين.
ملامح معركة
يرى خبراء محليون في تصريحات منفصلة، لموقع العين الإخبارية، أن تصريحات قيادات الحوثي وحديث وسائل إعلامها يكشف "حجم القلق الكبير الذي يضرب صفوف المليشيات في ظل ما يجري بالداخل وإشارات الخارج".
وقال المحلل السياسي أدونيس الدخيني إن "ثمة ملامح معركة تتشكل على الأرض للمرة الأولى، وهو ما يظهر من خلال الترتيبات العسكرية الحكومية".
واضاف الدخيني، "أما سياسيا فشكّل توقف جولة المفاوضات وغيره ما يمكن وصفه باستفاقة المجتمع الدولي من وهمه وإدراك خطر مليشيات الحوثي".
ويقول الخبير إن "مليشيات الحوثي تدرك أن المعركة ضدها أصبحت مصلحة محلية وإقليمية ودولية، كما أن توقف المفاوضات ضاعف فرص عودة الحرب، والتي ستكون بدعم دولي ما يعني هزيمة مؤكدة للحوثيين".
وتابع "مليشيات الحوثي غير مستعدة في الأثناء للمعركة، وغير قادرة على القتال في كل الجبهات العسكرية، فيما اكتسب معسكر الشرعية العديد من عوامل القوة، بما في ذلك توحيد جهوده وقناعته بضرورة إحراز تقدم مهم حتى لا يكون ضحية مفاوضات غير عادلة".
هروب للسلام
و قال من جانبه وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية سابقا الدكتور عبدالرقيب فتح إن "مليشيات الحوثي لم ترغب يوما في السلام كونه يهدد وجودها"، بدليل أنها ترفع شعار "أحكمكم أو أقتلكم" بوجه الشعب اليمني.
واعتبر فتح أن حديث الحوثيين مؤخرا عن السلام مجرد "تقية (شماعة)، كما أنه ليس مطلبا في عقلها ومنهجها العملي، ونجدها ترفض بل تخرب أي عملية سلام دعت لها الشرعية وقدمت في سبيلها التنازلات".
وبالنسبة للخبير، فإن "من ينطلق من فكرة أن تهديد النظام الوطني أو العالمي سيفضي إلى تثبيت حكمه، لا يمكن أن يذهب للسلام انطلاقا من مسؤولية وطنية وإنما كتقية لتمرير مشروعه".
وتابع: "مؤخرا بدأت المنطقة والعالم يستشعران خطورة مليشيات الحوثي وتهديدها للأمن الإقليمي والعالمي، وبدأ التحرك ضدها، ولذلك تحاول هذه المليشيات الهروب من ذلك للتظاهر بقبولها بدعوات السلام والسعي لتحقيقه".
غضب الداخل وإشارات الخارج
و وفقا للسياسي عبدالحليم المجعشي، فإن "كثيرة هي المؤشرات الداخلية والدولية التي تؤكد وجود تغيرات سياسية ستدفع مليشيات الحوثي ثمنها وإرهابها للتجارة العالمية وإلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي، وهو ثمن باهظ لن تجدي معه رفع "ورقة السلام".
وتحدث المجعشي، عن عدد من هذه المؤشرات، بدءا من تصنيف مليشيات الحوثي منظمة "إرهابية" وحشرها في زاوية التبعية العلنية لإيران مرورا بالضربات البريطانية الأمريكية الفاعلة، وصولا إلى تشديد الحصار عبر البحار وطرق التهريب لمنع تدفق الأسلحة.
أما على المستوى الداخلي فتعد حالة الغليان في مناطق الحوثي دليلا على أن تراكم الغضب الشعبي بات واضحا جراء انتهاكات الحوثي للحقوق والحريات للمواطنين ونهب الأموال والممتلكات والقمع والإخفاء القسري للنشطاء، وفق المجعشي.
ويرى المحلل السياسي أن "المليشيات تعيش أوهن مراحلها وتعلم أن دولا قد تشارك في تحالف دولي ضدها لإنهاء خطرها كما حدث لتنظيم داعش الإرهابي".
ولفت إلى أن "الحوثيين يدركون أن أي تصعيد قادم سيجعلهم بمرمى نيران الداخل والخارج"، مشيرا إلى أن "إرهابهم ضد اليمنيين بمناطق سيطرتهم وقصفهم للسفن التجارية بالممر الدولي، جعل قياداتهم تعيش حالة من الاضطراب والقلق وتنتظر مصيرا مجهولا بالفعل".