احتجاجات شعبية غاضبة باغتت المليشيا الانقلابية، ويتواصل خروجها وتنامي اعداد المشاركين فيها من المواطنين، رفضا لما سموه "الفساد وتدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية" في العاصمة المؤقتة عدن.
وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي صورا لاحتجاجات شعبية غاضبة في شوارع عدن، الخاضعة لسيطرة مليشيا "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، منذ انقلابها على الشرعية، بدعم عسكري اماراتي مباشر في اغسطس 2019م.
مشيرين إلى "تصاعد الاحتجاجات بمديريات عدن، رفضا لتدهور الخدمات العامة وفي مقدمها الكهرباء والمياه والصرف الصحي وانهيار الاوضاع الاقتصادية والعملة وارتفاع اسعار السلع، منذ سيطرة المجلس الانتقالي ومليشياته على مؤسسات الدولة".
وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو المتداولة للاحتجاجات الشعبية، قطع المواطنين الغاضبين عددا من شوارع العاصمة المؤقتة عدن، وإشعال النيران في اطارات السيارات التالفة، بدءا من الشارع المؤدي لمطار عدن، تعبيرا عن سخطهم على انقطاع الكهرباء.
تفاقمت ازمة الكهرباء في عدن ومدن جنوب اليمن، وتصاعدت عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي للتجاوز 10 ساعات متواصلة يوميا، بعد عجز محطات توليد الطاقة وفي مقدمها اكبرها محطة بترومسيلة، جراء نفاد الوقود المخصص لتوليد الكهرباء.
وأعلنت المؤسسة العامة للكهرباء في عدن، مساء الاربعاء (01 مايو) عن توقف محطة بترومسيلة بشكل كامل عن العمل. موضحة في بلاغ أن "خروج المحطة عن الخدمة بسبب نفاد الوقود الخام، ما أدى إلى تفاقم أزمة ساعات انقطاع التيار الكهربائي".
لكن الاحتجاجات الشعبية الغاضبة في عدن استمرت حتى بعد اعلان مؤسسة الكهرباء ليل الاربعاء عن "عودة جزئية لمحطة بترومسيلة إلى العمل ابتداء من الخميس (2 مايو) عقب تزويدها بكميات من الوقود". رفضا "للحلول المؤقتة والوعود الكاذبة".
وشهدت مديرية الشيخ عثمان صباح الخميس احتجاجات شعبية واسعة على انقطاع التيار الكهربائي، اشعل خلالها المحتجون النيران في الإطارات وأغلقوا الشارع الرئيسي في المديرية، تعبيرا عن غضبهم من "تجاهل الحكومة والسلطة المحلية لمعاناتهم".
فاقم تدهور الخدمات العامة في عدن، معاناة المواطنين بفعل تصاعد ساعات انقطاع التيار الكهربائي، وتسببه في ضنك العيش لارتفاع درجة الحرارة، وتعطل اعمال قطاع واسع من الحرفيين، وتعذر الدراسة والاستعداد لاختبارات الشهادتين العامتين.
ترافق انقطاع الكهرباء مع اشتداد حرارة الصيف اللاهب، واستمرار انهيار قيمة العملة المحلية وتجاوزه سقف 1700 ريالا مقابل الدولار الامريكي، وتبعا استمرار ارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية، وتفاقم تدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين.
بالتوازي، تتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة في عدة أماكن في عدن أغلبهم من فئة الشباب، وعودة بيع السلاح في مديرية الشيخ عثمان بعد أن تم منعها خلال الفترة الماضية.
وأرجع المحتجون تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية إلى ما سموه "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". واتهموا "التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في حرب الخدمات واخضاع المواطنين لهذا الفساد الجاري".
مطالبين في هتافات ولافتات الاحتجاجات بـ "تقديم الفاسدين لمحاكمات علنية، وقيام السلطات بواجباتها وتنفيذ حلول سريعة ونهائية لأزمة الكهرباء، وتحسين الخدمات العامة، ووضع حد لانهيار قيمة الريال وارتفاع اسعار السلع وتأخر صرف الرواتب".
ويترافق هذا التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية مع بوادر أزمة عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفي الدولة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين لشهر ديسمبر الماضي، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
يشكو قطاع واسع من قرابة 700 ألف موظف وموظفة في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، تأخر صرف رواتب ديسمبر يناير فبراير، وعدم انتظام مواعيد صرف مرتباتهم، بينما يشكو منتسبو قوات الامن والجيش من تراكم المرتبات المتأخرة،
وأدت ازمة تأخر صرف رواتب الموفظين بالمناطق المحررة، الى تدخل السعودية، مطلع فبراير الفائت، عبر "إطلاق الدفعة الثانية من منحة دعم الموازنة العامة للدولة والبالغة مائتان وخمسون مليون دولار أمريكي". حسب مسؤول بالبنك المركزي في عدن.
من جانبهم، يرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد".
ويتهم "المجلس الانتقالي" الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.