حصل وسائل إعلام محلية وعربية على معلومات هامة حول الأجندة التي حملها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في زيارته، اليوم الإثنين، للعاصمة السعودية الرياض ولقائه هناك وزراء خارجية الدول الخليجية، حيث تركزت تلك المعلومات حول المساعي الأمريكية لرهن إعلان خارطة الطريق الأممية الناتجة عن المفاوضات بين الرياض وصنعاء برعاية سلطنة عمان بوقف هجمات قوات صنعاء على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.
ووفقاً للمعلومات، فقد عاتب الوزير الأمريكي نظيره السعودي على خلفية تأكيد الأخير أن هجمات البحر الأحمر لا تؤثر على مسار السلام في اليمن، خلافاً للموقف الأمريكي، حيث أكد الوزير الأمريكي أن تباين المواقف بشأن اليمن بين الرياض وواشنطن يضعف موقفهما كحليفين ويشجع جماعة أنصار الله على الاستمرار في موقفها بشأن منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر.
ودعا وزير الخارجية الأمريكي نظيره السعودي ووزراء الخارجية الخليجيين إلى تبني الموقف الأمريكي وعدم المضي في الوقت الحالي في إعلان خارطة الطريق التي تم التوافق عليها، وتتضمن إنهاء حرب اليمن والحل السياسي والاقتصادي لإعطاء فرصة للولايات المتحدة للضغط على حكومة صنعاء ومليشيا الحوثي بشأن المواجهات في البحر الأحمر.
كما تكشف المعلومات التي حصل عليها موقع “يمن ايكو” أن وزير الخارجية الأمريكي، في اجتماعه مع نظيره السعودي، أكد أن بلاده تعمل مع القوى المناهضة لحكومة صنعاء لخلق ضغط عسكري في عدة جهات حساسة ضد قوات صنعاء وأنصار الله الحوثيين، وأن الولايات المتحدة تأمل أن ينجح ذلك في كسر موقف حكومة صنعاء ودفعها لوقف الهجمات في البحر الأحمر، حيث طلب الوزير لأمريكي من الجانب السعودي عدم ممارسة أي ضغط على القوى المناهضة لقوات صنعاء لمنعها من التحرك العسكري، وأن يوقف السعوديون أي خطوات بشأن الإعلان عن خارطة الطريق التي كرر السعوديون دعمهم لها ورفضوا ربطها بالوضع في البحر الأحمر، الأمر الذي أغضب الجانب الأمريكي.
ولم يتضح حتى الآن ما إذا استجابت السعودية للمطالب الأمريكية، حيث أظهرت السعودية خلال الفترة الماضية تمسكها بإنهاء الحرب مع قوات صنعاء، بل كان موقفها في 12 يناير الماضي مع بدء الغارات الأمريكية ضد قوات صنعاء على غير ما ترغب به الولايات المتحدة، إذ لم تؤيد العمليات الأمريكية وظلت تؤكد عدم تأثير هجمات البحر الأحمر على اتفاق السلام في اليمن.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى الرياض بالتزامن مع تحشيدات عسكرية للقوات المناهضة لحكومة صنعاء، خصوصاً التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وتصعيدها عسكرياً بتفجير الوضع في بعض الجبهات القتالية التي كانت تشهد هدوءاً منذ بدء المفاوضات بين صنعاء والرياض.
في السياق، نقلت وكالة الأنباء الرسمية سبا التابعة لحكومة صنعاء عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، أن عمليات اليمن في البحر هي لهدف إنساني وهو الضغط لوقف “العدوان الإجرامي الصهيوني على غزة، ورفع الحصار عنها، وهو مطلبٌ إنسانيٌ، ومن المفترض أن يتم التجاوب معه”، موضحاً أنه “لا علاقة للتسوية بما يحدث بالبحر الأحمر، وقد تم التأكيد للأمم المتحدة أن الخارطة التي تم التوصل إليها، مع الجانب السعودي لا علاقة لها بأحداث غزة، ويفترض ألا يكون للأمريكي والبريطاني أي تدخل بها”.
وقال المصدر في تصريحاته لوكالة سبأ والتي رصدها “يمن إيكو”، إن تصريحات المبعوث الأمريكي “ليندركينغ”، التي أصدرها أمس الأول وجدد فيها ربط السلام في اليمن بأحداث البحر الأحمر، تؤكد أن أمريكا هي التي تقف أمام إحلال السلام في اليمن، وتحول دون وقف المجازر الإجرامية في غزة ورفع الحصار عنها”.
وأشار إلى أن “أمريكا تقف أمام إرادة كل الشعوب في العالم بما فيها الشعب الأمريكي الذي عبّر عن رفضه لما تمارسه إدارة بايدن بمشاركتها في الجرائم الصهيونية البشعة بحق أبناء غزة، وبدلاً من الاستجابة لهذه المطالب العالمية لجأت إلى قمع طلاب الجامعات بطريقة وحشية تكشف من جديد زيف الشعارات الأمريكية بالديمقراطية وغيرها”.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكن للسعودية ودعوته إلى تبني موقف واشنطن من المضي في إعلان خارطة الطريق للسلام في اليمن، عقب أيام من زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن لسلطنة عمان واجتماعه مع كبير مفاوضي أنصار الله محمد عبدالسلام، والمسؤولين العمانيين في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، الذي ناقشوا فيه سبل إحراز تقدم في خارطة الطريق الأممية لليمن، وضرورة خفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط على نطاق أوسع، لينتقل بعدها إلى الرياض ويلتقي السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، والمسؤولين السعوديين الذين جددوا دعم بلادهم لخارطة الطريق الأممية، فيما كان قد اعتُبر مؤشراً على أن الأمم المتحدة أصبحت قريبة من إعلان خارطة الطريق في اليمن، إلا أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي للرياض جاءت لتقطع الطريق من جديد على إعلان خارطة الطريق في اليمن وإنهاء الحرب على النحو الذي قامت به الولايات المتحدة عندما منعت المبعوث الأممي من التوجه إلى صنعاء لإعلان الخارطة وإجباره على مغادرة مسقط والعودة إلى مكتبه الإقليمي في العاصمة الأردنية عمان، ومارست الضغوط عليه لوضع وقف الهجمات في البحر الأحمر ضمن خارطة الطريق، الأمر الذي ترفضه صنعاء.
ففيما كان هانس غروندبرغ، قد أعلن في أكتوبر الماضي التوصل إلى خارطة طريق لإنهاء حرب اليمن، كنتيجة للمفاوضات بين حكومة صنعاء- على رأسها جماعة أنصار الله- والسعودية برعاية سلطنة عمان، إلا أن المعلومات التي حصل عليها موقع “يمن إيكو” من مصدر يمني في صنعاء على صلة بالمفاوضات مع السعودية، أفادت آنذاك بأن المبعوث كان سيتوجه من مسقط برفقة وفد عماني إلى صنعاء لوضع اللمسات الأخيرة لآلية إعلان الاتفاق النهائي، إلا أنه قوبل بضغوط أمريكية أجبرته على العودة إلى مكتبه الإقليمي بالعاصمة الأردنية عمّان.
وأضاف المصدر- في حينه- أن المبعوث كان سيتوجه إلى صنعاء بعد ما أكملت صنعاء والرياض كل الترتيبات لخارطة الطريق، ولم يكن متبقياً إلا إعلانها لولا التدخل الأمريكي.
وكشف المصدر- حينها- نقطة خطيرة تتعلق بأن المبعوث الأممي أبلغ صنعاء أن الولايات المتحدة حذرته من أي خطوة لإعلان اتفاق إنهاء حرب اليمن، ما لم تتوقف هجمات قوات صنعاء والحوثيين على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وهو ما ألمح إليه المبعوث نفسه في إحاطته الأخيرة- في مارس الماضي- أمام مجلس الأمن، عندما كشف لأول مرة تأثير ربط أحداث البحر الأحمر بإعلان السلام في اليمن، في إشارة ضمنية للضغوط التي تعرض لها من قبل الأمريكيين.
ووفقاً للمصدر الذي تحدث لموقع “يمن إيكو” فإن الاتفاق الذي توصلت إليه السعودية وحكومة صنعاء ما يزال قائماً كما هو، وبمجرد التخلص من الضغوط الأمريكية لن يحتاج إلى أي تعديلات إضافية، وهو ما كان يفترض أن يحدث بعد لقاء المبعوث الأممي غروندبيرغ مع كبير مفاوضي أنصار الله محمد عبدالسلام في مسقط، حيث كان المتوقع أن صنعاء هي وجهته التالية لإعلان خارطة الطريق في اليمن، لكنها استمرت في مساعيها لتأجيل هذا الإعلان ومراهنتها على الضغط العسكري لإجبار حكومة صنعاء على وقف عمليات قواتها ضد الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، بالإضافة إلى السفن الأمريكية والبريطانية التي أصبحت هدفاً عسكرياً منذ بدء الغارات الجوية للدولتين على اليمن.
كما لفت المصدر إلى أنها المرة الأولى التي تتوصل فيها السعودية وحكومة صنعاء إلى اتفاق على كل القضايا الخلافية، مثل إعادة الإعمار وخروج القوات الأجنبية من اليمن والصيغة التي ستخرج بها تلك النقاط في الخارطة الرسمية، وكذلك توصل الطرفان إلى اتفاق شامل حول آلية إعادة تصدير النفط اليمني وكيفية توريد العائدات إلى البنك المركزي اليمني في صنعاء، ونوع العملة التي ستورد بها تلك الإيرادات من أجل صرف مرتبات موظفي الدولة، مشيراً إلى أن السعودية أكدت من جانبها وعبر وزير خارجيتها، فيصل بن فرحان، أن خارطة الطريق تحظى بدعم المملكة، وأن الإعلان عنها بات وشيكاً.