قدّر كاتب صحفي إن زعيم المليشيات الانقلابية التابعة لإيران، عبدالملك الحوثي، صار مؤخراً، في وضع صعب و(مُزري) بحسب توصيفه لواقع سلطة جماعته في أواخر سبتمبر الماضي، في ذروة الاحتجاج الشعبي الأوسع ضد الجماعة منذ سنوات.
ورأى الكاتب الصحفي عدنان الجبرني في مقال له، أن الحوثي سيكون مضطراً خلال الفترة القريبة القادمة الى الشروع في ما سمّاه "التغيير الجذري" المؤجل منذ مطلع اكتوبر، لعدة أسباب.
وأبرز تلك الأسباب - بحسب الكاتب - "عودة تصاعد الغضب الشعبي وانقشاع لافتة (غزة) شعبيا، كون الجماعة تطلب من الناس تأجيل حياتهم بذريعة اولوية غزة بينما هي مستمرة في فسادها وعبثها واعتقالات واختطافات لنشطاء وكوادر وجبايات قاسية وامتناع عن صرف الرواتب، مقابل اتساع مظاهر ثراء وبذخ القيادات الحوثية".
ومن الأسباب فشل "حملة التعبئة بذريعة فلسطين في تهدئة او تخفيف الصراع المحتدم بين أقطاب الجماعة وخاصة الشخصيات الرئيسية، مهدي المشاط/ حامد/ عبدالسلام/ محمد علي/ عبدالكريم/ يحيى الحوثي/ المؤيد/ والخيواني...الخ هذا بالاضافة الى اتساع الفحوة مع العسكريين وهذا مقام يطول".
ضعف المشاط وكراهية حامد
وأشار الكاتب الجبرني، غلى أن كثير من قادة الجماعة يرون أن ضعف شخصية المشاط (رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى للمليشيات) سبب كبير لفقدان الجماعة للتأييد الشعبي، ويقولون انه لم يستطع احتواء الناس بمختلف اطيافهم مستوياتهم وشخصيته غير مقنعه، وانعزالي وفني، لكن عبدالملك يحب مهدي ويقول ان وجود احمد حامد بجواره يجبر نقصه، (رغم ان حامد يستحق الفوز بلقب اكثر شخصية مكروهة ومقززة في الجماعة كلها خاصة لدى الناس بصنعاء بمن فيهم "المتحوثين")"
عودة الفيشي والحوثي وجرفان
وذكر الكاتب، أن المطروح لدى الجماعة وزعيمها عبدالملك الحوثي، أن يعود القيادي في المليشيات يوسف الفيشي بدور رئيسي الفترة القادمة، وكذلك، إعادة حمزة الحوثي (شقيق عبدالملك) وجرفان (عبدالرب جرفان منتحل صفة رئيس جهاز الأمن القومي لدى الجماعة) للواجهة؛ وتعويض الاختلال عن غياب بن حبتور (عبدالعزيز بن حبتور، رئيس حكومة الانقلاب المنحلة) ورفض جنوبيين اخرين عروض الجماعة بتصعيد اداور شخصيات من اب وتعز مثل سليم المغلس (منتحل صفة وزير الخدمة المدنية بحكومة الانقلاب) وابولحوم (رشيد أبو لحوم منتحل صفة وزير المالية بحكومة الانقلاب الحوثية)".
ومن الأسباب وفقا للمقال: "تشكلت جيوب هاشمية متعددة في المستوى الاوسط بفعل اقصاء كل من ليس من "العترة الطاهرة" من اي منصب او ادارة عامة حساسة او ايرادية وكل جيب بات يستند ويحتمي بقيادي من المذكورين اعلاه او مسؤولي الظل".
خطوات ذاتية
ويرى الكاتب أن عبدالملك الحوثي يرجح "أن الاستمرار في التجاوب مع السعودية بهدف التسوية سيكسبه بعض الجوانب لكنه غير مستعد للتنازل سياسيا، او القبول باي شراكة، ولذلك يرى انه يستطيع بفعل خطوات ذاتية ان يحقق انفراجة نسبية في الرواتب بالانفاق من المدخرات التي كان يؤجلها لضرورات وبنود اخرى خاصة بالجماعة، ويتخذ خطوات منفردة بغض النظر عن اعتراض الكرف الاخر او الوسيط (هناك بعد في هذا الجانب لا يجب اغفاله، وهو ما اذا كانت تطورات الاحداث اقليميا قنعته والمحور بضرورة مواصلة مسار التصعيد وانتفاء الحاجة الى استراحة طويلة على اساسها انخرطوا سابقا في جهود التسوية)".
وتساءل: "ولكن، هل يذهب الحوثي الذي يعيش على المستوى الشخصي حالة نشوة لاسباب خارجية واحباط بسبب الوضع الداخلي والعزلة الشعبية، الى مرحلة متقدمة في الهيكلة الى درجة اعادة النظر في جدوى بقاء المجلس السياسي الاعلى الذي باتت الجماعة ترى فيه عبئا وترى ان الظروف الموضوعية لتشكيله قد انتفت، وتغيرت، وحتى كثير من اعضاءه صار بقائهم شكليا والا فهم عمليا في موقف معارض للجماعة وان كان هامش حركتهم وتعبيرهم عن ذلك خطرا خاصة بالوقت الحالي؟".
وأضاف: "والسؤال الأهم هو: حتى في حال قيام الحوثي بهيكلة جزئية او موسعة، هل سينقذ ذلك سمعة الجماعة ويحسن من وضعها؟".
دوافع عقدية
ويقدّر الكاتب مجيبا على سؤاليه، "أن ذلك أمر يصعب تحققه، لعدة اسباب، اولها ان محركات ودوافع الفساد والفشل والاقصاء وقمع كامنة في التكوين النفسي بل والعقدي للصف القيادي للجماعة بكامله، والسبب الأهم، هو ان هذا النسق القيادي يعرف عبدالملك الحوثي حق المعرفة ويدرك ان ما يقوله عبدالملك في المحاضرات ومحاولة تقديمه كملاك ونزيه ويقبل بالجميع وغير متحيز للسلالة هو امر مخالف لحقيقة الرجل الذي يسبغون عليه الثناء والطهورية علنا لنفاقه وامام الناس.. فكيف يلتزمون بما يرونه في سلوكه الفعلي، وبغير ما يعتقدونه.. والدليل، انظروا الى الخارجين من كهف الحوثي ممن كانوا حلفاء للجماعة وعلى علاقة شخصية مباشرة به من مختلف الاتجاهات والخلفيات، كيف تحولوا اليوم الى معارضين شرسين بعد انكشف لهم امر الجماعة عن قرب!!".
ويختم الكاتب الصحفي عدنان الجبرني مقاله بالقول: "ولذلك فإن عبدالملك لن يتأخر عن مواصلة الهروب الى الامام وتنفيذ "تغيير مُزري" وليس جذري".
وكان عبدالملك الحوثي، أعلن في سبتمبر الماضي، البدء بما أطلق عليه "التغيير الجذري" معلنا الإطاحة بحكومة بن حبتور الانقلابية غير المعترف بها، وإحالتها لتصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة أخرى، وهو مالم يتم حتى اللحظة؛ بسبب رفض عدة شخصيات تنحدر من المحافظات الجنوبية، تولي المنصب الشكلي دون صلاحيات حقيقية حين تتحكم قيادات سلالية بكل القرارات من وراء الستار.
وجاء إعلان عبدالملك الحوثي عن "التغييرات الجذرية"، تزامنا مع موجة سخط شعبي غير مسبوق شهدتها مناطق سيطرة مليشياته، جراء نهب المرتبات وانتشار الانتهاكات وتعاظم الفساد وسياسة الجبايات الحوثية، ووصل الاحتقان والسخط الشعبي ذروته يوم الاحتفال بذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، خصوصا مع إقدام المليشيات السلالية على دعس علم الجمهورية اليمنية ومطاردة رافعيها في الشوارع.