تحذير أممي..انعدام الغذاء في اليمن وصل إلى مستويات مخيفة 

أكد برنامج الأغذية العالمي أن 53 في المائة من العائلات اليمنية التي شملها المسح الذي أجراه أخيراً غير قادرة على الحصول على الغذاء الكافي، بعد أن وصل مستوى انعدام الأمن الغذائي خلال فبراير (شباط) الماضي إلى أعلى مستوى مسجل خلال الأشهر الـ17 الأخيرة.

 

وقال البرنامج في تقريره عن «حالة الأمن الغذائي في اليمن» إن تدهور حالة الأمن الغذائي يشمل كافة أنحاء البلاد، وإن تفاوت من محافظة إلى أخرى، ويمثل زيادة بنسبة 1 في المائة عن يناير (كانون الثاني) الماضي، وبنسبة 8 في المائة مقارنة بشهر فبراير من العام الماضي.

وأورد البرنامج الأممي في تقريره أن معدل انتشار عدم كفاية استهلاك الغذاء بين العائلات اليمنية بلغ 57 في المائة خلال فبراير الماضي في المحافظات الواقعة تحت إدارة الحكومة اليمنية، وبزيادة قدرها 10 في المائة على أساس سنوي، وذلك بسبب تدهور أسعار صرف العملة المحلية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

كما أشار التقرير إلى أن نقص الإيرادات، بسبب انخفاض صادرات النفط الخام، وتدفقات التحويلات المالية، وانخفاض احتياطيات العملات الأجنبية، وتدهور الوضع الاقتصادي الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والوقود إلى مستويات غير مسبوقة، جعل العديد من العائلات غير قادرة على الحصول على الغذاء الكافي.

وبين المسح الذي أجراه البرنامج الأممي أن ما يقرب من 17 في المائة من العائلات التي شملها المسح في مناطق نفوذ الحكومة اشتكت من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يمثل تحدياً رئيسياً للوصول إلى نظام غذائي مناسب، ما قد يفاقم من تدهور الأمن الغذائي خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل نقص التمويل الذي يعانيه البرنامج.

تسييس التسول

وصلت نسبة العائلات غير القادرة على تلبية الحد الأدنى المقبول من الاستهلاك الغذائي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إلى أعلى مستوى لها خلال الأشهر الستة عشر الماضية، مع إبلاغ نحو 51 في المائة منها عن عدم قدرتها على الوصول إلى الغذاء الكافي، وبزيادة قدرها 11 في المائة مقارنة بنوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبنسبة 8 في المائة على أساس سنوي.

وحذر برنامج الغذاء العالمي من تداعيات التوتر الحالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة في البحر الأحمر، التي قد تؤدي، إلى جانب الفجوة الناجمة عن توقف المساعدات الغذائية، إلى تأثيرات سلبية على أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، خلال الأشهر المقبلة.

وكان ناشطون يمنيون تداولوا تصريحات منسوبة للقيادي الحوثي نصر الدين عامر المعين رئيساً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ» قال فيها إنه «لا يوجد جوع في اليمن، ولا متسولون، أو متسولات في صنعاء»، وهي العاصمة التي تسيطر عليها الجماعة منذ انقلابها قبل نحو عقد.

وزعم القيادي الحوثي أنه تم اعتقال متسولات في شوارع صنعاء، وبعد التحقيق ثبت أنهن من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذي كان يرأسه الرئيس الأسبق الراحل علي عبد الله صالح، في اتهام واضح منه لمناوئي الجماعة بمحاولات تشويه صورتها.

وأثارت هذه التصريحات سخرية وجدلاً واسعين، حيث تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ووقائع تثبت تغير أحوال القادة الحوثيين بمن فيهم عامر نفسه خلال أعوام الانقلاب، ومظاهر الثراء التي بدت عليهم، مقابل مظاهر الجوع والفاقة التي يعاني منها غالبية سكان مناطق سيطرة الجماعة.

وأورد الناشط الحوثي، إسماعيل الجرموزي، أرقاماً عن رواتب ومستحقات عامر التي تزيد عن 4500 دولار شهرياً (تبلغ أكثر من مليونين و400 ألف ريال، والدولار يساوي 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة)، متهكماً من تصريحاته بالإشارة إلى أنه لا يشعر بالجوع، ولا يعرف الفقر، لأنه يمتلك ما لا يمتلكه باقي اليمنيين.

تضاؤل الاستجابة

من جهته انتقد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في حديث لـ«الشرق الأوسط» أداء المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة في اليمن، لعدم جدوى مساهماتها، وبرامجها، وتقاريرها في المساعدة على التخفيف من الأزمة الإنسانية في اليمن التي باتت تلامس المجاعة.

ولم تستطع منظمات الإغاثة والمنظمات الدولية الإيفاء باحتياجات الشعب اليمني بشكل كامل، بل على العكس من ذلك، فإن خطة الاستجابة الإنسانية تتضاءل كل عام، وأخيراً تأثر الوضع الإنساني المتدهور في اليمن بالصراع في البحر الأحمر، ووصل الوضع الإنساني في اليمن إلى المرحلة الخامسة، وهي مرحلة الوضع الكارثي التي تلامس المجاعة. وفق تعبيره.

وأضاف بلفقيه أن التقارير الصادرة حول الأزمة الإنسانية في اليمن تستعرض الوضع الحاصل، ولا تتطرق إلى المعالجات، والفرص المتاحة للمساعدة في تجاوز هذا الوضع، ويعود ذلك إلى سوء استخدام المساعدات المقدمة لليمن، فهذه المنظمات -وفق قوله- حصلت على الكثير من الأموال، إلا أنها عملت على إدارتها بشكل لا يساهم في تحقيق الأمن الغذائي.

واتفق برنامج الغذاء العالمي والجماعة الحوثية مطلع العام الحالي على استبعاد 3 ملايين شخص من قائمة المستفيدين من الحصص الغذائية الشهرية، بعد فترة من تعليق البرنامج عملياته في مناطق سيطرة الجماعة التي سبق اتهامها من قبل البرنامج ومنظمات دولية أخرى بالتلاعب بالمساعدات.

كما تتهم جهات يمنية وناشطون، استناداً إلى معايشتهم للواقع، الجماعة الحوثية بحرمان آلاف العائلات اليمنية الفقيرة والنازحة من الحصول على المعونات الغذائية التي يتحصلون عليها كل فترة، واستغلالها لإثراء قادة الجماعة، ودعم جبهاتها العسكرية.