لعل للاستفهام عن لماذا حذر الرسول من أكل الباذنجان ليلا ؟، يعد من أهم المسائل التي لا يعرفها كثيرون، والتي لا ينبغي التهاون فيها أو الاستهانة بها، لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دائمًا ما يرشدنا إلى كل ما فيه خير وفلاح لنا في الدنيا والآخرة، وينهانا عن كل ما فيه شر وبلاء في الحياة وجحيم بالممات، ومن ثم ينبغي الوقوف على حقيقة لماذا حذر الرسول من أكل الباذنجان ليلا ؟.
ورد عن حقيقة لماذا حذر الرسول من أكل الباذنجان ليلا ؟، أنه بحسب ما ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻗﺐ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ (2/ 119)، أنه ﻗﺎﻝ ﺣﺮﻣﻠﺔ: ﺳﻤﻌﺖ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻦ ﺃﻛﻞ اﻟﺒﺎﺫﻧﺠﺎﻥ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ، فيما لم يرد حديث أو نص نبوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى فيه عن أكل الباذنجان سواء ليلا أو نهارًا، إلا أنه ورد في فضل أكل الباذنجان عدة روايات بأحاديث موضوعة وباطلة لا تصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومنها :
روى أبو هريرة وحدثه السخاوي في المقاصد الحسنة الصفحة أو الرقم : 170 ، حديث باطل لا يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( - كلوا الباذِنجانَ ، وأَكْثِروا منهُ فإنَّها أوَّلُ شجرةٍ رأيتُها في جنَّةِ المأوَى)، وهناك رواية أخرى لا تصح ، وهي: _ من أَكَلَها على أنَّها داءٌ؛ كانَت داءً ، ومَن أَكَلَها على أنَّها دواءٌ؛ كانت دواءً [ يعني الباذنجان ])، وهناك رواية أخرى باطلة لا أصل له، عن الزركشي (البدر) في اللآلئ المنثورة الصفحة أو الرقم : 150 ، وهي: ( الباذنجانُ لما أُكِلَ له).
وورد حديث منكر عن عبدالله بن عباس وحدثه ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان
الصفحة أو الرقم : 5/211 ، وهو: ( كنا في وليمةِ رجلٍ من الأنصارِ ، فأُتِيَ بطعامٍ فيه باذنجانٌ ، فقال رجلٌ من القومِ : يا رسولَ اللهِ ، إنَّ الباذنجانَ يُهَيِّجُ المرارَ ، ويُيَبِّسُ اللسانَ ، فأكل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم باذنجانةً باذنجانةً في لقمةٍ ، فأعاد الرجلُ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : إنما الباذنجانُ شفاءٌ من كلِّ داءٍ ، ولا داءَ فيهِ ).
وجاء حديث موضوع كذلك عن ابن القيم في المنار المنيف الصفحة أو الرقم : 44 ، أن الباذنجانُ شفاءٌ من كلِ داءٍ، وكذلك رواية الشوكاني في الفوائد المجموعة الصفحة أو الرقم : 167 ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ أكَلَ باذِنْجانةً في لُقْمةٍ وقال: إنَّما الباذِنْجانُ شِفاءٌ مِن كلِّ داءٍ.
أفعال حذر الرسول منها ليلا
وردت عدة تحذيرات نبوية من ارتكاب عدة أفعال ليلاً ، فيما ورد عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ ، وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا ، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ » رواه البخاري (3280) - واللفظ له - ومسلم (2012)، و جاء في لفظ للبخاري (5624) : « أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ إِذَا رَقَدْتُمْ وَغَلِّقُوا الْأَبْوَابَ وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ ».
وجاء أنه نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم عن عدة أفعال ليلاً للسلامة من إيذاء الشيطان ، وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه فلا يقدر على كشف إناء ولا حل سقاء ، ولا فتح باب ، ولا إيذاء صبي وغيره ، إذا وجدت هذه الأسباب . وهذا كما جاء في الحديث الصحيح : إن العبد إذا سمى عند دخول بيته قال [ ص: 161 ] الشيطان : لا مبيت " أي : لا سلطان لنا على المبيت عند هؤلاء ، وكذلك إذا قال الرجل عند جماع أهله : " اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا " كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان ، وكذلك شبه هذا مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة .
ونجد أنه في الليل علَّم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه كيف يَتجنَّبون أذى الشَّيطانِ، وما يضُرُّهم في دُنياهم وآخرتِهم، فجاءتِ النَّصائحُ النَّبويةُ لتكونَ بمَنزلةِ قَوانينِ السَّلامةِ للمُحافَظةِ على مَصالحِ المسلمينَ، وهذه الأفعال هي : (عدم فتح الأبواب والنوافذ ، ترك الطعام مكشوفا ، عدم إطفاء الأنوار ، خروج الصبيان) ، فقد أمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإغلاقِ الأبوابِ، وذِكرِ اسمِ الله عند إغلاقِها؛ لأنَّ الشَّيطانَ لا يَفتَحُ بابًا مُغلقًا؛ فإنَّ اللهَ لم يُعطِه القوَّةَ على ذلك، وإنْ كان أعطاهُ القدرةَ والقوَّةَ على غيرِ ذلك مِن الأمورِ، وأمَرَ أيضًا بإيكاءِ القِرَبِ، وهو شَدُّ رُؤوسِها بالرِّباطِ، وأمَرَ بتَخْميرِ الآنيةِ، وهو تَغطيتُها ولو بوضْعِ عُودٍ أو عصًا على عرْضِها، مع ذِكْرِ اللهِ عند فِعلِ هذه الأشياءِ، وأمَرَ بإطفاءِ المصابيحِ مع ذِكرِ اللهِ عند إطفائِها؛ وفي الحديثِ: أخْذُ الحَيطةِ والحذَرُ مِن كلِّ ما يضُرُّ.
سنن الرسول ليلا
وردت سنن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليلاً ، عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، حيث داوم عليها في الليل عند النوم، بل وأوصانا بها لما لها من فضل عظيم، حثنا على اغتنامه، ومنها:
• النوم على وضوء: فقد قـال النبي -صلى الله عليه وسلم- للبراء بن عازب رضي الله عنه : "إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن... الحديث" [ متفق عليه:6311-6882] أي أن يكون على طهارة ، الحديث ( إذا أتيت مضجعك فتوضأ ) .
• أن ينفض الفراش ( إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه … فإنه لا يعلم ما خلفه بعده … ) رواه البخاري ومسلم .
• النوم على الشق الأيمن …( ثم اضطجع على شقك الأيمن … ) رواه البخاري ومسلم .
وأن يضع يده اليمنى تحت خده الأيمن ( كـان إذا رقـد وضع يده اليمنى تحت خـده ) رواه أبو داود .
• قراءة سورة ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) ، ومن ثمرتها : ( أنها براءة من الشرك ) رواه أبو داود والترمذي وأحمد وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي وحسنه الحافظ وصححه الألباني .
• يجمع كفيه ثم ينفث فيهما فيقرأ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات )، رواه البخاري .
• قراءة آية الكرسي « اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ» رواه البخاري .
• قراءة آخر آيتين من سورة البقرة ، من قوله تعالى « آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ».
• التكبير والتسبيح عند المنام : فعن علي رضي الله عنه ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال حين طلبت منه فاطمة -رضي الله عنها- خادمًا: "ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟ إذا أويتما إلى فراشكما ، أو أخذتما مضاجعكما ، فكبرا أربعًا وثلاثين ، وسبحا ثلاثًا وثلاثين ، واحمدا ثلاثًا وثلاثين. فهذا خير لكما من خادم" [متفق عليه: 6318 – 6915].
• ترديد أدعية النوم .
• الدعاء حين الاستيقاظ أثناء النوم : فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا ، استُجيب له ، فإنْ توضأ وصلى قُبِلت صلاته" [ رواه البخاري: 1154].
• الدعاء عند الاستيقاظ من النوم بالدعاء الوارد : "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا ، وإليه النشور" [ رواه البخاري من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : 6312 .