من خلال تقييمي لدعاة وممثلي السلام باليمن ، يمكن تصنيف توجهين للسلام ، الأول: سلام العدالة ، والثاني: سلام التمكين. وشتان بينهما في الرؤية والأهداف والمسارات والنتيجة.
فشلت مكنة الحرب واتفافيات السلام في اليمن ووصلت اليمن اليوم إلى حالة اللاسلم واللاحرب بكثير من الاستزاف للوضع الإنساني المأساوي نتيجة مراوحة عوامل الانقلابات المضادة للجمهورية وثورتية الخالدتين ٢٦ سبتمبر و ١٤ أكتوبر. فحملت سلام التمكين وظفت الأموال الطائلة والدعم لاستخدام السلام كأداة لتشريع الانقلابات عبر التسويات السياسية وتقديم التنازلات تلو التنازلات التي تخدم مصالح القوى الفاعلة بالحرب اليمنية.
تتجه حراكات ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية إلى الحياد باعتبارها أطراف مستقلة نتيجة إخفاق التعريف بالقضية اليمنية وحربها باليمن، فتعاملت مع السلطة الشرعية والمليشيات الحوثية الارهابية والفصائل المسلحة كطرفين نزاع متكافئة الحقوق ، وسميت الحرب باليمن حربا أهلية لدى المجتمع الدولي. لذلك اتجهت الجهود إلى المقاربة والتسوية والهدنة تلو الهدنة من أجل حلول غير ناجعة للسلام على طريق الانتقال السياسي السلمي باليمن.
نحن بحاجة اليوم إلى الاصطفاف المدني والسياسي حول مطالب الشعب اليمني بما يكفل أمن وسلامة وسيادة اليمن أولا، و يحفظ الأمن الإقليمي العربي ، والسلم الدولي ثانيا، والذي تتجه رؤى السلام فيه نحو تحقيق العدالة من أجل سلام مستدام باليمن والمنطقة ككل.
على دعاة وممثلي السلام والمصالحة أن يوجهوا محددات السلام في كواليس المجتمع الدولي ومجلس الأمن باتجاه السلام المستدام والتعامل مع وقف الحرب والهدنة كخطوة على طريق ( فرض السلام) ، فبناء السلام باليمن وبعد اخفاقات جميع الاتفاقيات وخرق الهدنة من قبل المليشيات الحوثية الإرهابية وبحسب التقرير الأخير للخبراء الدوليين دعى إلى اتخاذ تدابير صارمة لفرض العقوبات ومماثلة للشأن السوري في فبراير ٢٠٢٣م تجاه المعرقلين. وقوبل هذا التقرير كسابقيه بالمزيد من التراخي والاهمال واطالة اتخاذ القرارات في شأن الدول الواقعة تحت البند السابع كاليمن
وبصفتنا المستقلة جميعا تجاه قضايا الأمة اليمنية ببعدها الوطني والشعبي سواء منظمين أو مشاركين أو مؤملين بايجاد حل لمرحلة اللاحرب واللاسلم التي تمر بها بلادنا على آلية السلام أن تسير وفق المحددات الأربع التالية:
*أولا: مسار تحقيق العدالة*
- تعتبر اليمن أحد أعضاء التحالف الدولي للمحكمة الجنائية الدولية وبذلك يمكننا الإعداد معا كجهات مدنية مستقلة وعبر فريق من الخبراء القانونين الدوليين لرفع دعوى قضائية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ( هولندا) ضد قادة منتهكي حقوق الإنسان من كل طرف وجرائم المليشيات الحوثية الإرهابية التي ترقى إلى جرائم حرب باليمن بالاستناد إلى نتائج تقرير الخبراء لمجلس الأمن الأخير (فبراير ٢٠٢٣) والذي دعى إلى تطبيق ذلك مع المعرقلين والتعامل معه بنفس آلية الإجراءات المتخذة بسوريا مؤخرا والتي بدأت تعد ملفات دقيقة وشاملة لحجم الانتهاكات للتقاضي الدولي.
- تصويب مفهوم الحرب وأطرافه باليمن ، فهي ليست حربا أهلية للنزاع على السلطة بين سلطة وأقلية، بل هي حرب انقلاب على المرجعيات الدستورية الثلاث، وهوية نظام اليمن الجمهوري، وادخال مفردة جريمة العنصرية ومنتهكي المواطنة ( السلالية)، و جرائم الحرب ( الإرهاب) في التقاضي الجنائي الدولي.
*ثانيا: المسار العسكري والأمني*:
- المطالبة بالتهيئة للبدء بانفاذ التدابير الخاصة للدول الواقعة تحت البند السابع ( كاليمن) والتي تتخذ اجراءاتها قرارات نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج من المليشيات الحوثية الارهابية ، وجميع المليشيات المسلحة لكل حزب سياسي وفصيل مسلح متورط بالحرب، والعمل على تسريح العسكريين المتورطين عنوة بالعمل مع وكلاء الحرب باليمن وإعادة دمجهم بمناطق آمنة.
- الضغط المدني المحلي وشركاءهم الدوليين من أجل فرض العقوبات على الدول المتورطة بتوريد السلاح للمليشيات باليمن وعلى رأسها إيران وبريطانيا وفرنسا وأمريكا وبحسب تقارير الخبراء الدوليين لمجلس الأمن.
- المطالبة بتشكيل لجنة يمنية دولية محايدة للرقابة عملها الاشراف على منافذ الموانئ اليمنية مؤلفة من خبراء يمنيين مستقلين و ممثلي الدول المتضررة والواقعة على طريق الملاحة المائي، وذلك خلال فترة الانتقال السياسي السلمي باليمن وتجريد المليشيات من التحكم على الموانئ اليمنية.
- العمل على نزع الألغام باليمن عبر الخبراء ونشر وحدات حماية من قنص المدنين وتأمينها وفتح طرق الحصار في تعز والمناطق المحاصرة بالمدن اليمنية.
*ثالثا: المسار السياسي*
- جبر الضرر وبعث تطمينات بضمانات يتفق عليها تكون محل اجماع وفرض عقوبات على المعرقلين.
- دعوة قادة الفرقاء السياسين لتوقيع ميثاق شرف وطني والاعتذار لابناء الشعب اليمني خلال فترة الحرب في مؤتمر وطني للسلام والمصالحة.
- توقيع اتفاقية تحييد الخطاب الإعلامي السياسي لكل طرف خلال فترة الانتقال السياسي السلمي باليمن مقرونة بجزاءات وغرامات مالية كبيرة للمخالفين تصل إلى الإغلاق.
*رابعا: المسار الإنساني*:
- الدعوة إلى تقديم المساعدات الإنسانية والتعافي وإعادة الإعمار بالترافق مع عملية الانتقال السياسي السلمي وليس بعدها.
- معالجة الجرحى والمصابين وتعويض أسر الشهداء.
- تأمين وحماية حرية التعبير للمتظاهرين من أبناء الشعب اليمني في المناطق الواقعة تحت سلطة مليشيات صنعاء وسلطة عدن ومليشيات الانتقالي.
كل ماسبق هي عبارة عن محددات لنموذج السلام العادل المنشود، يجب تصميم platform محدد المعطيات والمخرجات والمؤشرات للنجاح. يشترك في إعداده وتنفيذه فرق عمل ماهرة مختارة بعناية ، واشراك جهات دولية نافذة ومؤثرة، وقبل ذلك دعم كبير يسانده. والعمل عليه يستدعي قاعدة بيانات دقيقة وموثوقة المصدر.
اليمن اليوم تمر بعنفوان ثوري سيصطدم مع امراء الحرب وحلفاءها باليمن إثر الفساد والتجويع والاخضاع بالعنف والقمع. ولذا علينا حمايته كأول خطوة على طريق السلام وتوجيه تعابير الرفض كمحرك ضغط دولي لتحقيق خطوة إلى الأمام وارعاب المنقلبين على العقل والمنطق والسلم الاجتماعي باليمن.
#٢٦_سبتمبر_١٤_اكتوبر_ميلاد_أمة
#جمهوري_اتحادي_يمني