فافترقوا ثم اجتمعوا إليه فقالوا: ما وجدنا شيئا.
فقال إبليس لعنه الله: أنا لهذا الأمر، ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم، فوجد الحرم محفوفا بالملائكة، فذهب ليدخل، فصاحوا به، فرجع ثم صار مثل الصر، وهو العصفور، فدخل من قبل حراء وقال له جبرائيل: ما وراءك لعنك الله؟ فقال له: ما هذا الحدث في الأرض؟ فقال له: ولد محمد صلى الله عليه وآله، فقال له: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا.
قال كعب الأحبار: إني قرأت اثنين وسبعين كتابا كلها أنزلت من السماء، وقرأت صحف دانيال كلها، فوجدت في كلها ذكر مولده، وأن اسمه لمعروف، وإنه لم يولد نبي قط فنزلت عليه الملائكة ما خلا عيسى وأحمد صلوات الله عليهما، وما ضرب على آدمية حجب الجنة غير مريم وآمنة أم أحمد، وما وكلت الملائكة بأنثى حملت غير مريم أم المسيح، وآمنة أم أحمد عليهما السلام.
وكان من علامة حمله أنه لما كانت الليلة التي حملت آمنة به عليه السلام نادى مناد في السماوات السبع: أبشروا، فقد حمل الليلة بأحمد، وفي الأرضين كذلك حتى في البحور، وما بقي يومئذ في الأرض دابة تدب ولا طائر يطير إلا علم بمولده، ولقد بني في الجنة ليلة مولده سبعون ألف قصر من ياقوت أحمر، وسبعون ألف قصر من لؤلؤ رطب، فقيل: هذه قصور الولادة. وقيل للجنة: اهتزي وتزيني فإن نبي أوليائك قد ولد، فضحكت الجنة يومئذ، فهي ضاحكة إلى يوم القيامة.
وما من جبل إلا نادى صاحبه بالبشارة ولقد قدست الأشجار أربعين يوما بأنواع أفنائها وثمارها فرحا بمولده صلى الله عليه وآله، ولقد ضرب بين السماء والأرض سبعون عمودا من أنواع الأنوار لا يشبه كل واحد صاحبه، ولقد بشر آدم بمولده صلى الله عليه وآله فزيد في حسنه سبعين ضعفا، واضطرب الكوثر في الجنة واهتز، فرمى بسبعمائة ألف قصر من قصور الدر والياقوت نثارا لمولده صلى الله عليه وسلم.
ولقد زم إبليس وكبل وألقي في الحصن أربعين يوما وغرق عرشه أربعين يوما، ولقد تنكست الأصنام كلها وصاحت وولولت، ولقد سمعوا صوتا من الكعبة: يا آل قريش جاءكم البشير، جاءكم النذير، معه العز الأبد، والربح الأكبر، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين فتحية عطرة لحبيبنا سيد ولد ادم في يوم مولده الكريم ومتعنا الله وإياكم برؤيته عند الحوض وحسن مرافقته في الفردوس الأعلى اللهم امين.
صلوا على رسول الله صل الله عليه وسلم