أموت كل يوم ألف مرّة، أين الدين أين العالم أجمع؟ لماذا وضعوا سياجاً حول قبر مايا؟ هل يريدون حرماني من البكاء عليها بعدما حرموني من رؤيتها؟". بهذه الكلمات النابعة من قلب محروق على وفاة فلذة كبدها، تحدّثت الأم لينا جابر لـ"العربية.نت" عن صغيرتها مايا التي توفيت منذ قرابة الشهرين ولم يسمح لها طليقها حضور دفنها، أو حتى البكاء على قبرها بعدما دفن الجثمان في حديقة المنزل ووضع سياجاً حوله.
وأحدثت قصة لينا وابنتها مايا ضجّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، بعد انتشار فيديو صادم مساء الأربعاء من قبل ناشطين وناشطات ومنظمات محلية نسوية، وهي تندب وحيدتها مايا من خلف سياج وُضع حول قبرها وتقول "اشتقتلك يا عمري، هذه النومة ليست لك، يا ليت رصاصة قتلتني بدلاً عنك.. أنت دلوعتي يا صغيرتي، اشتقت إليك يا عمري، خذيني إليك، أنا أراك في المنام". وتوفيت الابنة بظروف غامضة في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي. أداعب شعرها وتقول الأم لينا جابر، وهي من بلدة السماعية، في صور جنوب لبنان لـ"العربية.نت" "عندما علمت بإصابتها بطلق ناري توجّهت مباشرة إلى المستشفى وأنا أسأل الله ألا تكون إصابتها خطيرة، وما إن وصلت تبلّغت الخبر السيّئ. مايا توفيت. عندها طلبت رؤيتها وبقيت طوال الليل بجانبها أداعب شعرها وهي تنام كالملاك في برّاد المستشفى". كانت مايا في الفترة الأخيرة تتشوّق لرؤية والدتها لينا وكأنها كانت تعلم بأن شيئاً ما سيحصل معها قد يحرمها نهائياً من حضنها، فهي كما تقول أمها لم توفّر وسيلة لتحقيق ذلك، حتى إنها أعطت معلمتها سواراً كانت تضعه في يدها كي تُعطيني إياه عندما تقابلني، ولم أحصل على هذا السوار إلا بعدما توفيت مايا".
حرموني من ابنتي وتضيف "لقد حرَمني والدها من رؤيتها، حتى إنه كان يراقب هاتفها طيلة الوقت لمنعي من الاتّصال بها ووضع حرّاساً لمرافقتها كي لا تقابلني". وانفصلت لينا عن زوجها منذ عامين وسبعة أشهر، وحُرمت من حضانة ابنتها مايا التي كان عمرها 12 عاماً، إلا أنها استطاعت إقناع زوجها بالبقاء في المنزل من أجل رعاية ولديها مايا ومحمد الذي كان عمره 16 عاماً. واستمرت على هذه الوضعية سبعة أشهر قبل أن يطردها زوجها من المنزل ويحرمها من ولديها. وأسفت لأن "والد مايا روّج عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر فيه أن قبر ابنتي لم يكن مسيّجاً، لكن الحقيقة أنه أزال السياج منذ يومين بعدما انتشر الفيديو الذي كنت أبكي فيه من خلف السياج وأحدث ضجّة في لبنان".
متى يُطبق القانون؟ وتسأل "إلى متى سيستمر هذا المجتمع الذكوري يتحكّم بنا كنساء؟ متى يُطبّق القانون بالتساوي بين الجميع؟ وكما حُرمت من رؤية ابنتها، مُنعت لينا أيضاً من رؤية وحيدها محمد ابن التاسعة عشرة عاماً. وتقول "لقد زرعوا أفكاراً في رأسه من أجل تشويه صورتي أمامه، إلا أنه لم يقتنع بها وكان يتواصل معي في شكل شبه يومي، وعندما علم والده بذلك اتّخذ قراراً بإخراجه من البلد والعمل خارج لبنان، حتى إنهم حرموه هو أيضاً من حضور دفن شقيقته، لأنه وصل إلى لبنان بعد يومين من دفنها". وفي لبنان تخضع كل طائفة إلى قانون أحوال شخصية خاص بها، وبالتالي فإن المحكمة الجعفرية تصدر أحكامها بناء على قانون يُحدد سن حضانة الأم لأطفالها بسنتين للذكر وسبع سنوات للأنثى، وهي السن الأدنى على مستوى الطوائف.
ظروف غامضة حول وفاتها وأكثر ما يحزّ في قلب الأم المفجوعة الغموض الذي يلفّ حادثة وفاة ابنتها، إذ تشكك في رواية الأب بأنها ماتت بطلق ناري من مسدسه عن طريق الخطأ"، وتسأل "لماذا لم يتم توقيف والدها، ما دامت الضحية ابنته وهي قاصر"؟وتؤكد لينا "أنها ستُفتّش عن الحقيقة لمعرفة تفاصيل ما حصل مع مايا، وتناشد السلطات القضائية إعادة فتح القضية والمباشرة بالتحقيق فوراً".