أبقى المنتخب الإيراني، المأزوم نتيجة ما يدور من احتجاجات في بلاده، على آماله ببلوغ ثمن نهائي كأس العالم للمرة الأولى في سادس مشاركة له، وذلك بعدما "قاتل من أجل الشعب" ليحقق فوزاً "هيتشكوكياً"على نظيره الويلزي 2-صفر الجمعة في المجموعة الثانية لمونديال قطر، في مباراة سبقها أداء اللاعبين النشيد الوطني خلافاً للمباراة الأولى ضد إنكلترا، وبدأ "تيم ملّي" مشاركته الثانية في النهائيات بخسارة قاسية أمام إنكلترا 2-6، لكنه نجح الجمعة في الريان بخطف النقاط الثلاث بهدفين في الوقت بدل الضائع، عبر البديل روزبه جشمي (8+90) ورامين رضائيان (11+90).
وعلق المدافع مرتضى بور علي غانجي على الانتصار القاتل الذي كان الأول لبلاده على منتخب أوروبي، قائلاً "المباراة الأولى دائماً ما تكون صعبة ونجحنا في التحرر بشكل جيد من جوانب عديدة. في نهاية المباراة ضد إنكلترا، قال لنا (المدرب) كارلوس كيروش ألا نقلق وأن نحاول تحقيق نتيجة جيدة ضد ويلز... من أجل إسعاد الناس"، وبخصوص أداء النشيد الوطني الجمعة، قال "نحن نقاتل من أجل الشعب ونحن أن نجلب له الفرحة"، وتتزامن مشاركة المنتخب الإيراني في النهائيات مع احتجاجات تشهدها الجمهورية الإسلامية، ما دفع باللاعبين الى الامتناع عن أداء النشيد الوطني خلال المباراة الأولى في خطوة جاءت بعد مناقشات وبقرار "جماعي"، كما أشار سابقاً لاعبه علي رضا جهانبخش.
"عدنا الى كرة القدم"
لكن لاعبي "تيم ملّي" أدوا النشيد الوطني الجمعة أمام منتخب ويلزي يعود الى النهائيات للمرة الأولى منذ 1958 حين بلغ ربع النهائي قبل الخروج على يد البرازيل بهدف سجله اليافع في حينها الأسطورة بيليه، وتشهد إيران منذ قرابة شهرين، احتجاجات أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية، وكشف بطل الهدف الأول روزبه جشمي الذي اختير أفضل لاعب في المباراة، أن فريقه كان "تحت ضغط غير عادل" في بلده ما أثر على تحضيره بالشكل الملائم للمباراة الأولى، مضيفاً "لو كان الضغط ناجماً عن مسألة كروية، فكان يتوجب عليه قبوله. لكن إذا كان لاعبونا تحت ضغط غير عادل، فهذا ليس سوياً"، وتابع "بعض الأمور حصلت للاعبين ولم تكن عادلة. تم الحكم علينا بشكل غير عادل".
بالنسبة للمدرب البرتغالي كيروش ففضل "إنه يوم رائع بالنسبة لنا، عدنا الى كرة القدم (عوضاً عن السياسة) ولا أجد الكلمات المناسبة كي أقول شكراً للاعبين"، وأضاف "كانت (المباراة) فرصة لاستعادة التوازن، لإيقاف النزيف واستعادة مصداقيتنا... كانت 90 دقيقة من الفرحة، السلام، السعادة والفخر للفريقين (في إشارة الى ويلز أيضاً)"، داعياً الى الراحة من أجل الاستعداد جيداً للمواجهة الحساسة سياسياً مع الولايات المتحدة.
وقال نجم هجوم إيران مهدي طارمي "شكراً لجميع المشجعين، يساندوننا دوماً. هم اللاعب الثاني عشر". وعن المباراة المقبلة ضد الولايات المتحدة، أضاف "نحن بحاجة لدعم المشجعين، حتى المتواجدين في إيران ووراء التلفزيون. نحن بحاجة ليمنحوننا الطاقة الإيجابية كي نفوز بالمباراة ونحقق حلمنا".
آزمون يعود أساسياً
وبعد فوزه الجمعة في ثاني مواجهة بين المنتخبين على الإطلاق، بعد أولى ودية خسرها صفر-1 في نيسان/أبريل 1978، أبقى "تيم ملّي" على حظوظه بتخطي دور المجموعات لأوّل مرة، وفي المقابل وبعدما فشل في تحقيق فوزه الثاني فقط في النهائيات بعد أول عام 1958 ضد المجر في مباراة لتحديد متصدر المجموعة وبالتالي المتأهل بينهما الى ربع النهائي، بات وضع منتخب ويلز معقداً بعض الشيء لتجاوز دور المجموعات لبطولة كبرى ثالثة توالياً (وصل الى نصف النهائي في كأس أوروبا 2016 وثمن نهائي البطولة القارية الصيف الماضي)، إذ بقي رصيده عند نقطة نالها بتعادله افتتاحاً أمام الولايات المتحدة 1-1.
وستحسم البطاقة الأولى في هذه المجموعة في حال فوز إنكلترا على الولايات المتحدة لاحقاً، على أن تلعب البطاقة الثانية في الجولة الأخيرة الثلاثاء المقبل حين تلتقي ويلز مع جارتها إنكلترا، والولايات المتحدة مع خصمتها السياسية إيران، وقال نجم ويلز غاريث بايل "لقد ناضلنا حتى الثانية الأخيرة. سنتابع العمل في محاولة البدء من جديد. ستكون الأمور صعبة وسنحاول تخطي ذلك".
وبدأ الإيرانيون بقوة واعتقدوا أنهم افتتحوا التسجيل في الدقيقة 15 عبر علي قلي زاده بعد تمريرة من العائد الى التشكيلة الأساسية سرداد آزمون، لكن الحكم ألغى الهدف بداعي التسلل بعد الاحتكام الى "في أيه آر".
وبدا الفريق الويلزي عاجزاً عن تشكيل خطورة في شوط أول تعطلت فيه الهجمات في الربع الأخير من الملعب.
نهاية "هيتشكوكية"
وبقي التعادل السلبي سيّد الموقف حتى نهاية الشوط، ولم يتغيّر الأمر في مستهل الثاني قبل أن يحصل الإيرانيون على فرصة ثلاثية بدأها آزمون بتسديدة ارتدت من القائم الأيسر بعد هجمة مرتدة، ثم وصلت الكرة الى علي قلي زاده الذي أطلقها من بعيد قوية في القائم الأيمن، لتعود الى آزمون الذي اصطدم هذه المرة بتألق الحارس واين هينيسي الذي صد محاولته الرأسية (52)، وبعدما بدا الارهاق عليه، طالب آزمون باستبداله فترك الملعب لصالح كريم انصاري فرد (68)، من دون أن يؤثر ذلك على الأفضلية لبلاده، وبعدما اضطر الويلزيون لإكمال اللقاء بعشرة لاعبين بعد طرد الحارس هينيسي الذي نال أولاً بطاقة صفراء قبل أن تتحول الى حمراء بعد مراجعة "في أيه آر" لاكتساحه المهاجم مهدي طارمي خارج منطقة الجزاء، وحاول الإيرانيون الاستفادة من التفوق العددي ونجحوا في ذلك بفضل البديل روزبه جشمي الذي أطلق كرة صاروخية من خارج المنطقة عجز الحارس البديل داني وورد عن صدها (8+90)، قبل أن يضمن رامين رضائيان النقاط الثلاث بهدف ثانٍ سجله بحنكة بعد تمريرة من طارمي (11+90) في نهاية "هيتشكوكية" للقاء.
من جهته عجز المنتخب الإنجليزي عن حسم تأهله إلى ثمن النهائي، بتعادله مع منتخب الولايات المتحدة 0-0على ستاد البيت، ورغم التعادل، بقي المنتخب الإنجليزي متصدرا للمجموعة برصيد 4 نقاط، بفارق نقطة واحدة عن المنتخب الإيراني الذي تغلب الجمعة أيضا على المنتخب الويلزي 2-0، فيما استقر المنتخب الأميركي بالمركز الثلاث برصيد نقطتين، وجاءت بداية المباراة بطيئة، ولم تشهد فرصا بمعنى الكلمة، حتى الدقيقة العاشرة، عندما حصل ساكا على الكرة من الناحية اليمنى، ليمرر أمام المرمى إلى كين الذي ارتدت محاولته من الدفاع، وانتظر المنتخب الأميركي حتى الدقيقة 17، ليهدد منافسه، عندما قابل هاجي برأسه عرضية ديست، لتذهب محاولته بعيدا عن القائم القريب.
وكاد المنتخب الأميركي يفتتح التسجيل في الدقيقة 26، عندما تابع ماكيني بملسة واحدة، عرضية منخفضة من الناحية اليمنى، فوق المرمى الإنجليزي، وبعدها بثلاث دقائق، أطلق موسى تسديدة بعيدة المدى بين يدي الحارس الإنجليزي جوردان بيكفورد، أخطر فرص الشوط الأول جاءت في الدقيقة 33، عندما حصل بوليسيتش على الكرة في الناحية اليسرى نم منطقة جزاء انجلترا، ليطلق تسديدة مباغتة ارتدت من العارضة، واخترق ديست من الناحية اليمنى، قبل أن ترتد محاولته من الدفاع في الدقيقة 41، ورفع اللاعب نفسه كرة عرضية، تابعها بوليسيتش برأسه ضعيفة بجانب القائم البعيد في الدقيقة 43، واستفاق المنتخب الإنجليزي أواخر الشوط، فشق شاو طريقة من الناحية اليسرى قبل أن يمرر إلى ساكا الذي تابع الكرة من وضع صعب بعيدا عن المرمى في الدقيقة الأخيرة، وفي الوقت بدل الضائع، مرر سترليتنج كرة ذكية إلى مونت الذي سددها منخفضة وتصدى لها الحارس الأمريكي مات تيرنر.
وبعد مرور 4 دقائق من عمر الشوط الثاني، جرب ماكيني حظه بتسديدة من خارج منطقة الجزاء، استقرت في المدرجات، حافظ المنتخب الأميركي على أفضليته، لكن كافة محاولاته من الكرات الثابتة، قطعها المدافع ماجواير، وكادت ركلة ركنية أميركية أن تخدع الحارس بيكفورد في الدقيقة 63، ومال الفريقان إلى الحذر مع دخول ربع الساعة الأخير من اللقاء، ولم تم توجيه أي اسديدات على المرميين حى الدقيقة 87، عندما سدد راشفورد في مكان وقوف الحارس، واقترب المنتخب الإنجليزي نم حسم اللقاء لصالحه في الوقت بدل الضائع، لكن رأسية كين ابتعدت عن المرمى إثر متابعته لركلة حرة.