روى احمد الصوفي السكرتير الصحفي للرئيس السابق علي عبدالله صالح، تفاصيل أحداث 2 ديسمبر 2017 م ، وما جرى فيها من معارك وخيانات وأخطاء. .
كما تحدث الصوفي في روايته التي رصده " أحداث نت " اليوم، عن الساعات الأخيرة من حياة "صالح" . وإليكم تفاصيل الرواية كاملة:
أطل الزعيم علي عبدالله صالح صباحًا على زواره الوافدين إلى منزله الكائن بالثنية في قلب العاصمة صنعاء والمحاط بحي تجاري يعج بالنشاط ومطوق بمساكن ومتاجر، وله أربعة مداخل ترتبط بشوارع رئيسية فسيحة. المنزل أشبه بجزيرة من الأشجار والخرسانات أو أنه مجمع كامل من المباني والمرافق المختلفة من عيادات طبية، مسجد، مباني سكن، ساحات، وحدائق باتت اليوم هي ساحة قتال ضار.
350 مقاتلا
في الثاني من ديسمبر علم الجميع أن صالح قد غادر منزله، وبات يعقد اجتماعا بالذين دعوا من وقت مبكر للقدوم إليه، وآخرون لا يمكن منع دخولهم، في أي وقت يأتون إلى "الثنية" بحكم موقعهم من قلب الزعيم أو في قيادة المؤتمر أو من أولئك الذين تستلزمهم المعركة لاستمرارهم في المناورة والمواجهة مع الحوثي، تأكد الزعيم أن أكثر من 350 مقاتلا قد توزعوا بدءا من منطقة جولة الرويشان حتى منزله أمام السفارة السعودية وشارع مجاهد وتقاطع الزبيري والقاع والمنافذ المؤدية بقيادة العميد الشهيد الحميدي المكلف بقيادة المواجهة دفاعا عن "الثنية". انهمك بغضب نبيل الحلالي أحد حراسة الزعيم الذين أبدوا ولاء مطلقًا ومكث في السجن أكثر من 10 أشهر قبل إطلاقه في أواخر 2018 يسرد تفاصيل الاضطراب في معسكر السواد وقيادة الحرس الجمهوري 48 الذي أوشك على السقوط بين ساعة وأخرى، جاءته الأخبار بوصول اللواء مهدي إلى المعسكر ولديه حالة من نهوض الهمم، فقد تقاطر إلى المعسكر العشرات من المقاتلين خلال الساعة التالية من بث الخطاب.
أخطاء وخيانات
تم الاجتماع، صباح السبت، بعدد لا يقل عن مائتي مقاتل في مديرية سنحان، كلهم من سنحان وبني بهلول، وقالوا لمهدي مقولة: نحن مستعدون للقتال حيثما يطلب الزعيم، ولا نريد إلا أن تزودنا بالذخائر والسلاح الثقيل، إن لزم الأمر وقد جئنا من بيوتنا بسلاحنا. فقال لهم: كل شيء موجود، وكان التحرك إلى معسكر 48، وتم اقتحام البوابة، ووقع ضحايا من الجانبين، وفي وقت قصير تم دحر الحوثة بانسحاب مجاميعه، ربما بأمر من قيادتهم. ثم التف حولهم العسكر الذين كانوا بالداخل وشكلوا حراسة للمعسكر. وبدأ بعض الضباط بالتوافد وكانوا مستعدين لطلب كثير من الأفراد. وكان من بين الضباط العميد راشد الجنيه، والعقيد حميد النميري، والضابط: صالح النمر والعميد مراد العوبلي، وغيرهم كثير بالإضافة إلى قائد وضباط اللواء الرابع حرس جمهوري. قبل الظهر تم وصول ما لا يقل عن 500 فرد إلى المعسكر، أكثرهم تجمهروا ببوابة المعسكر، وكانو يطالبون بتسليحهم كونهم قد باعوا سلاحهم نظرًا للوضع المعيشي وانقطاع المرتبات.
بالداخل اجتمع مهدي بالحاضرين ووجه بالمهام والقيادة لثلاثة أشخاص من قبائل خولان الذين اقتحموا المعسكر، ولم يعر الضباط اهتماما. توقف الضباط عن استدعاء أفرادهم بعد أن أصابهم مهدي بالإحباط بتعيين المشايخ قادة عليهم.
عسكريون ومتطوعون
وصل عشرات من أبناء بلاد الروس أخيرا، لكن المشكلة التي افتعلها مهدي كونه لم يصدر قرارا يمكنهم من تولي القيادة على المعسكر أي أنه خسر ولاء الطرفين القبلي والعسكري، خاصة أن أغلب العسكريين من سنحان وجل المشايخ من خولان قد هبَّطت معنويات الضباط وغادر أغلبهم، وكذلك بعض أفراد القبائل. كان المقاتلون العسكريون والمتطوعون أيضًا يطالبون مهدي بتوفير الذخائر وتشغيل الدبابات التي كانت قد فرغت من مادة الديزل يوم ومساء الجمعة وتوفير الذخائر. وحيث إن أغلب من شاركوا في اقتحام المعسكر نفذت ذخائرهم، ولم يعد لديهم إلا القليل مما تركه الحوثيون أثناء فرارهم، تم التواصل مع مهدي بأنه تم توفير شاحنة محملة بمادة الديزل لتشغيل الدبابات والمدرعات ولم يخبر أحدا بأمر وصول ديزل إلى قرب المعسكر.
تم إبلاغه بمحاولاتٍ للتجمع من الحوثيين في منطقة السواد وأرتل وحزيز وشارع المائة ونصب عدد من الهاونات. وكان يقول لهم: "اصبرو لابعدين وكل شيء عيسبر". مهدي ادعى أنه لم ينم من يومين وسيذهب للنوم ساعات ثم يعود. كان المقاتلون بحاجة إلى أكل وشرب وذخائر وكثير من المتطلبات التي لم يحاول مهدي، حتى محاولة، توفير أيٍّ منها.
تصرف مريب
عادت المناوشات وقام الحوثيون بتشغيل عدة دبابات كانت منتشرة خارج المعسكر، والتي كان البعض يصر على تشغيلها من الصباح، واستخدامها ضد الحوثة، ولكن كانت دون ديزل ودون بطاريات، أضف إلى ذلك تقاعس كثيرين بعد تصرف مهدي المريب وخلق حالة تنافر بين العسكر المتطوعين. بدأ قصف بوابة اللواء الرابع ونوبات الحراسة وجبل المرخة. طبعًا قيل إنه كانت توجد كمية لا بأس بها من الأسلحة، منها قذائف دبابات في مبنى القيادة التي لم يسمح مهدي بالوصول إليها وأخبرهم أنها "فارغة". بعدها غادر مهدي بعد المغرب تمامًا، بعد أن أخذ قسطًا من الراحة، ترددت بين الجنود همسات: "بالله عليك، هل هذا وقت نوم، والدنيا بتحرق والزعيم محاصر". تاركًا العشرات، أغلبهم من المدنيين المتطوعين في المعسكر لينسحب إلى منزله ويتخذ منه جبهة بديلا من المعسكر الذي هو تحت قيادته دون أن يعلم أحد بهدف مغادرة المعسكر وترك القيادة. اشتدت المواجهات واستخدم الحوثة السلاح الثقيل: دبابات، مدفعية، هاون، وتقدموا صوب بوابة اللواء الرابع في الساعات التالية لمغادرته. وكان المدافعون يقاتلون بأسلحة خفيفة، وذخائرهم قد نفدت ولم يعد لديهم إلا ما أخذوه من أيدي الحوثة في معركة الصباح.
نهب الممتلكات
نهب الممتلكات
كان الحصار يشتد، كما تتعالى أصوات المتنافسين على القيادة من الضباط والمشايخ وكلٌّ يلقي باللائمة على الآخر. كانت جبهة 48 متهالكة والفوضى لم تغادرها برهة، وكان الجميع يرى التقدم للانقضاض من ميليشيات الحوثي نحو المعسكر وضربت النوبات التي توزع فيها المقاتلون، ووقع بعض الضحايا. واستمر الدفاع حتى آخر طلقة، بعد أن دخل الحوثيون بالدبابات المعسكر واعتلوا جبل المرخة. وصوبوا نيران مدافعهم على سيارات المتطوعين التي كانت في ساحة المعسكر، في هذا التوقيت وصلت الاشتباكات إلى معسكر ريمة حميد. بعد دخول الحشود بقيادة خالد القيري، التي أتت من خولان باتفاق مع قيادة الحوثيين على أن يقتحموا قرية بيت الأحمر. وسُمح لهم بنهب الممتلكات والبيوت والسلاح والسيارات، ومن ثم يتم تسليم الأمور إلى الحوثيين. وكذلك بمساندة مجاميع من الحوثيين تحت قيادة عبدالله العكيمي، قائد الحملة التي تحركت من خولان ومعسكر العرقوب وبإشراف مجاهد السامري، وقد تم تعيينه، مؤخرا، عضو مجلس شورى. تحركوا بداية من حدود سنحان ثم إلى جوب وقرية بيت الشاطبي، تحديدا مزرعة الزعيم، ثم انطلقوا صوب معسكر ريمة حميد.