الثلاثاء ، ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ ساعة ٠٥:٥٠ صباحاً

العملة الجديدة تحرم الناس من الخدمات الضرورية بصنعاء

رفض أحد المستشفيات الخاصة بصنعاء، استقبال الطفل علي محبوب، الذي أسعف إليه إثر تعرضه لوعكة صحية، بحجة امتلاك والده العملة الجديدة، حيث امتنعت إدارة الحسابات عن قبولها، واعتذر طوارئ المستشفى عن تقديم أي إسعافات أولية للطفل ما لم تُستبدل بعملة قديمة، بحسب والد الطفل. ويقول محبوب لـ”المشاهد” إنه حاول التفاوض مع إدارة المستشفى لقبول العملة الجديدة، لكونه لا يملك سواها، وتقديم الإسعافات الطبية اللازمة لابنه، باعتباره حالة إنسانية، غير أنها رفضت قطعاً، مضيفاً أن أحد مرافقي المرضى في المستشفى رأى المشادات بينهم، فبادر باستبدال العملة الجديدة لديه بالقديمة، لكي يتمكن من دفع رسوم المعاينة والفحوصات الخاصة بطفله علي.

وأحدث قرار جماعة الحوثي، بمنع تداول العملة الجديدة في صنعاء، الكثير من الإشكالات بين المواطنين، حيث وجدوا أنفسهم في دوامة صراع ومهاترات، حول قبول ورفض العملة الجديدة، منهم سائق الباص سعيد قاسم، الذي لا يكاد يمر يوم إلا ويدخل في شجار مع بعض الركاب، إذ يدفعون له حساب ركوبهم بالعملة الجديدة، بينما هو يرفضها، الأمر الذي ينتهي إلى عراك معهم، كما يروي لـ”لمشاهد”. ويضيف قاسم، أن بعض الركاب يصرون على التعامل بالعملة الجديدة، رغم معرفتهم بتعميم الحوثي بمنع تداولها، وذلك إما  بدافع أن القديمة صارت تالفة وغير صالحة للاستخدام، أو أنه ليس لديهم سواها. وتابع: “أحياناً نقبل التعامل بالعملة الجديدة بيننا كمواطنين، لكن المشكلة تكمن في أصحاب محطات الوقود الذين لا يقبلونها عند قيامنا بتعبئة مركباتنا بالبترول أو الديزل”. صديق الريمي، هو الآخر الذي استأجر شقة في حي الروضة (شمال العاصمة صنعاء)، لم يقبل المؤجر منه الإيجار بالعملة الجديدة، كونها صارت ممنوعاً التعامل بها. وقال صديق لـ”المشاهد” إنه لم يكن لديه غيرها لسداد إيجار الشقة التي يسكن فيها، فحاول ان يستبدلها لدى أصدقائه والبقالات ومحلات البيع والشراء المختلفة، لكنهم لم يقبلوها منه، فما كان منه إلا أن استدان 30 ألف ريال من العملة القديمة لكي يدفع للمؤجر إيجار شقته، مضيفاً أنه يملك 200 ألف ريال من العملة الجديدة، ولا يدري ماذا يفعل بها، رافضاً الاستجابة لدعوة الحوثيين في استبدالها في البنك المركزي بصنعاء، معتبراً قرار الحوثي سياسة تضييق على المواطنين، وليس معالجة للمشكلة الاقتصادية التي هو سببها.

عراك في الأسواق الشعبية

ويحضر الجدال الساخن للإقناع في الأسواق الشعبية بين المواطنين، حول القبول والرفض للعملة الجديدة، فالمشترون يبذلون جهوداً مع البائعين للقبول بها، في حين أنهم يرفضونها، ففي نهاية ديسمبر من العام الماضي، وقعت حادثة إطلاق نار في سوق علي محسن المركزي، الواقع في شارع الستين بصنعاء، حيث اختلف أحد المتسوقين مع بائع خضار بـ”الجملة”، بسبب بعض الأوراق النقدية الجديدة التي كانت مختلطة بين العملة القديمة، حيث طلب البائع من المشتري استبدال الجديدة منها، فلم يستجب، وبدأ السجال اللفظي بينهما، حت تطور حتى الأمر إلى استخدام السلاح الشخصي “المسدس”، وأصيب على إثر ها أحد المتسوقين بطلق ناري في قدمه، كما يروي لـ”المشاهد” صلاح الوصابي، مالك بسطة خضار في السوق، لافتاً إلى أنهم يواجهون متاعب ومشكلات مع المواطنين بشأن العملة الجديدة، إذ باتوا محتارين في التعامل بها. وقال إن الحوثيين يمنعونها على المواطنين، بينما هم يتعاملون بها في شراء المشتقات النفطية والغاز من محافظة مأرب. وفي المقابل، لم ينصع الكثير من المواطنين لقرار جماعة الحوثي بمنع العملة الجديدة، إذ لايزالون يتداولونها في ما بينهم، رافضين استبدالها في البنك المركزي بصنعاء بالعملة القديمة نظير خصم 30%، منهم التاجر قايد البرحي، الذي لا يتردد في قبول العملة الجديدة من المواطنين عند شرائهم المواد الغذائية والأساسية منه، كما يقول لـ”المشاهد”، موضحاً أنه يجمع العملة الجديدة لديه، ويقوم بإرسالها إلى المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة، عبر أقارب له يعملون سائقي قاطرات و”دينات” في نقل البضائع على خطوط (صنعاء – تعز – عدن)، ويتم تصريفها هناك، في شراء ما يحتاجه من بضائع ومستلزمات لمتجريه الآخرين في عدن (جنوباً) ومدينة تعز (جنوب غرب). ويضيف البرحي: “الحوثيون اتخذوا من قرارهم بمنع التداول بالعملة الجديدة، فرصة لتجميعها والمضاربة بها لفترة معينة، ومن ثم سيتراجعون عن منعها، ولكن بعد أن استفادوا منها مبالغ طائلة تصل إلى مليارات الدولارات”. واستاء المواطنون في صنعاء وباقي المناطق التي تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي، من هذا القرار، الذي أدى إلى انقطاع رواتب الموظفين في بعض الجهات الحكومية (المتقاعدين المدنيين، والسلك القضائي، والنازحين، وقطاع الصحة، والجامعات)، والتي كانت الحكومة تصرفها لهم شهرياً، عبر مصرف الكريمي، بيد أن الأخير رفض استلام شيكات مرتبات موظفي الجهات آنفة الذكر، من البنك المركزي في عدن، بحجة انعدام السيولة لديه، وذلك بعد أن منع الحوثيون التداول بالعملة الجديدة، كما يقول المتقاعد صالح الربيعي لـ”المشاهد”، مشيراً إلى أن قرار الحوثيين جاء اعتباطاً، وليس له أثر اقتصادي إيجابي، حيث لم يغير من سعر الدولار ولا أسعار المواد الأساسية، بقدر ما انعكس سلباً على الموظفين الذين كانوا استعادوا أنفاسهم منذ استلام مرتباتهم، رغم عدم كفايته لتغطية الاحتياجات في ظل الوضع الراهن والغلاء في كل شيء، مؤكداً أن الحوثيين يسعون بجلاء في تجفيف مصادر أرزاق الناس، ومحاولة خنقهم بشتى الطرق، محملاً إياهم مسؤولية قرارهم، الذي حرم الموظفين أقوات أطفالهم منذ انقلابهم على الدولة.