الجمعة ، ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ ساعة ٠٤:٤٤ صباحاً

رسالة قوية وشديدة اللهجة من محمد جميح إلى القيادي ياسر اليماني .. وهذا نص ما قاله

بعث الكاتب والسياسي اليمني، الدكتور محمد جميح، رسالة إلى السياسي اليمني ياسر اليماني، فيما يخص موقفه الأخير من الحوثيين.

وجاء في رسالة ’’جميح’’ التي اطلع عليها محرر ’’المشهد الدولي’’ ما يلي:

اللجوء إلى ظل المليشيا!

محمد جميح

الأخ العزيز ياسر اليماني...

تحياتي...

دعني أدخل مباشرة بالقول إن خياراتك الشخصية لك، ولا أحد يستطيع أن يملي عليك ما ترى أو تعتقد.

فقط، فيما يخص موقفك الأخير من الحوثيين، وقبل التفكير بالعودة ل’’السيد’’ الحوثي أنصحك أن ترفع السماعة للنائب البرلماني عبده بشر، لتسأله فقط عن أسباب تقديمه لاستقالته، مع أنه حاول قدر المستطاع أن يسهم في تحويل المليشيا إلى دولة، قبل أن يعلن فشله الذريع في محاولته التي انتهت بتقديم استقالته.

أخي ياسر، اتصل للبرلماني الآخر أحمد سيف حاشد، واسأله عن حجم الفساد واللصوصية لدى ’’السيد’’ وأتباعه، وإن شئت فاسأل مدير برنامج الغذاء العالمي عن عبارته المجلجلة ’’الحوثيون يسرقون الطعام من أفواه الجياع’’، اسأله كيف كذب عبدالملك الحوثي على مسؤولي البرنامج عندما وعدهم بمنع عصاباته من سرقة أموال التبرعات، ثم أطلق يد أخيه ليملأ مخازن التربية والتعليم من مواد الإغاثة!

تصور أن عصابات الحوثي لم تكتف بسرقة مداخيل اليمنيين، بل مدت يدها إلى تبرعات المانحين لتسرقها من أفواه الجياع!

بإمكانك أن تتصل ليحيى الحوثي وزير تربية الكهان وتسأله عن شخص يدعى أحمد حامد، هو مدير مكتب المشاط، ثم اسأل أحمد حامد عن يحيى الحوثي ومخازن وزارة التربية التي عبأها أخو زعيم اللصوص من أموال المساعدات، ثم لما اختلف اللصوص نشروا غسيلهم، علماً بأن تلك المساعدات يصل معظمها من ’’دول العدوان’’!

تصور أن هذه العصابة المنعدمة الضمير والحياء تتحدث عن ’’العدوان’’ على اليمن، ثم تنهب معونات ذلك ’’العدوان’’ المقدمة لمستحقيها في مناطق سيطرة هذه المليشيات!

لماذا يصدع هؤلاء اللصوص رؤوسنا بحديثهم عن العدوان ثم يأكلون معوناته؟!

إن المقاتل الذي يتحلى بأقل قدر من الفروسية لا يتحدث عن عدوان عدوه في وسائل الإعلام، ثم يتلقى معونات هذا ’’العدو’’ عبر منظمات الإغاثة.

أخي ياسر من حقك أن تنتقد الشرعية، وتنتقد أداء الرئيسين صالح وهادي، وأداء التحالف، من حقك انتقاد من تشاء، لكنك لا تستطيع أن تقول إن الحوثي هو البديل، وإذا قلت بذلك، فاسأل ملايين اليمنيين - الذين يسرق الحوثي أموالهم - اسألهم عن عصابات الحوثيين.

ثم لك أن تعرج على آلاف المعتقلين في سجون العصابة، الذين حُكم على بعضهم بالإعدام، لمجرد أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع قناة تلفزيونية!

اسأل رابطة أمهات المختطفين عن عدد الجثث التي خرجت من سجون الحوثيين، وعدد المعاقين والعمي والمرضى النفسانيين ومن فقدوا ذاكرتهم إثر التعذيب الرهيب الذي تعرضوا له في سجون هؤلاء المجرمين!

اسأل تعز من يحاصرها، وعدن من دمرها، ومأرب والضالع ولحج والمخا من يطلق عليها صواريخ إيران البالستية، وأسأل الآلاف من ضحايا ألغام الحوثيين عمن بتر أيديهم وأرجلهم بألغامه.

ألا يكفيك أن تقارن حال اليمن قبل ظهور هذه العصابات المؤدلجة وبعد ظهورها، لترى إلى أين وصل اليمنيون؟!

ثم ماذا عن الحرب والسلام؟

إذا كنا نعرف أن الحوثي هو من يشن الحرب منذ أكثر من ستة عشر عاماً على اليمنيين، فإنه اليوم هو من يرفض السلام، وإذا شككت في ذلك فانظر ماذا فعل بعد اتفاق الحديدة، واسأل قبل ذلك إسماعيل ولد الشيخ: من أفسد مفاوضات الكويت بعد رفضه التوقيع على نتائجها في اللحظات الأخيرة.

أنا إذا كنت تقول إنك لم تسلم معسكرات الجيش للحوثي، ولم تفتح له صنعاء، فإن البراءة من هذا الجرم تدفعك لأن يظل سجلك خالياً من التعامل مع من يشن الحرب على اليمنين منذ ٢٠٠٤، في سبيل أوهامه بالحقوق الإلهية، ودعاياته حول المظلومية المزعومة.

أخي ياسر: إن آخر من يفكر بالعودة إلى ’’ركبة السيد’’ هم نحن الذين رأينا كيف يعيش الناس في الغرب، وكيف يختارون حكامهم ويحاسبونهم، وكيف تضمن السلطة الحاكمة مستوى معتبراً من المعيشة، وكيف يرفع مواطن عادي دعوى على أكبر مسؤول دون خوف من أحد.

أعلم أن دولنا ليست بهذا المستوى، لكنه إذا لم تكن الدول بهذا المستوى، فلك أن تتصور مستوى المليشيات ورجال العصابات الذين يحكمون اليوم في اليمن باسم الله والنبي وقتال الأمريكان والإسرائيليين.

أعلم أنك محبط من أداء الشرعية، لكن الإحباط لم يكن يوماً من سمات الرجال الذين ينظرون ببصيرة نافذة، والذين لا يرون الشرعية في أشخاص، قدر ما هي في قيم ومفاهيم تجسدها مؤسسات الدولة التي نريد، حتى وإن رأينا أن مؤسسة الشرعية لم تقدم تلك الدولة لنا بالمستوى المطلوب.

لا تنس يا صديقي أن الشرعية هي شرعية المقاومين لمشروع الكهنوت في كل محافظات البلاد، وأنها شرعية جمهور اليمنيين الذين سيدفنون اليوم أو غداً كل المشاريع الصغيرة والمؤدلجة التي لا تعيش إلا عندما ينسى اليمنيون من هم، وما هي مكانة بلادهم في مدونات التاريخ وحقائق الجغرافيا.

أخيراً: إن غياب الدولة لايبرر اللجوء للمليشيات، بل يحتم العمل على مشروع وطني لاستعادة الدولة من يد تلك المليشيات...

ظل المليشيا زائل مهما لعبتْ على عقارب الساعة...

كن بخير يا صديقي...

والسلام عليك