الاثنين ، ١٩ مايو ٢٠٢٥ ساعة ٠٣:٥٩ مساءً

الدكتور "رشاد العليمي " .. يخرج عن صمته بتصريح شديد اللهجة : شراكة بلا سلم .. اتفاق الرياض

الدكتور رشاد العليمي  مستشار رئيس الجمهورية 

ان الحديث اليوم عن مقارنة او مقاربة اتفاق السلم والشراكة مع اتفاق الرياض الذي وقعته الحكومة اليمنية مع الانفصاليين في جنوب اليمن نوفمبر الماضي يجرنا لمقاربات ذات صلة تتناول شخوص تلك المرحلة ووضعنا الراهن.

اقرأ أيضاً :
الحكومة تزف بشرى سارة إلى جميع موظفي الدولة وترسلها للبنك المركزي 
 

 

 

 

 

 

 

 

من بحاح الى معين وأبو علي الحاكم الى أبو همام وصولا للرئيس الذي بات بالكاد يصدق عليه وصف (صاحب ابين).

في ظل ظروف اقل تعقيدا ووضع محلي وإقليمي ودولي أكثر أريحية بالنسبة للرئيس هادي وقع اتفاق السلم والشراكة مع جماعة الحوثي المنتصرة عشية 21سبتمبر 2014م، رغم ان دبابة الحرس الجمهوري بعمامة الامام الجديد  على سور دار الرئاسة ليلة اذ. 

أخذ الحوثي من الاتفاق (الشراكة) ورمى بالسلم عرض الحائط، ليتمكن من الغاء الشراكة لاحقا عندما حاصر الرئيس والحكومة في صنعاء وفرض ارادته بقوة السلاح والتمرد على (الشق الأمني) كما يحاول اليوم المجلس الانتقالي استلهام تلك التجربة بنسختها الجديدة في اتفاق الرياض الذي رعته المملكة وتحرص على تنفيذه مكتملا.

 بدا الحوثي بتعيين مشرفين في كل وزارة، وفي ظل سكوت حكومة بحاح ارسل الحوثي مؤخرا (الصماد ) للقصر مشرفا على (الرئيس هادي ) وقراراته، ويحصي عليه أنفاسه ويرصد تحركاته، لكن الرئيس انتفض للدفاع عن سيادة الدولة واستقلال قرارها ولما كان (الشق الأمني ) من الاتفاق معطلا لم يكن امامه الا تقديم الاستقالة.

فما من خيار آخر تحت رماح الحوثي وسنابك خيله، وكانت تلك الاستقالات للرئيس ثم حكومته اول تداعيات التهاون في تنفيذ الشق الأمني لاتفاق (السلم والشراكة)، وهو ما يلوح في الأفق اليوم مع فارق ان الحكومة لم تعد حكومة هادي حتى تستجيب لطلب الاستقالة.

ولم يعد لديه -الرئيس- قدرة على اقالتها ان لم تستجب لطلب استقالتها كما كان الشأن مع حكومة بحاح في صنعاء، حينها اسقط في ايدي الحوثي وصالح بعد استقالة المؤسستين الرئيسيتين في البلد التي تحظى بدعم إقليمي واعتراف دولي، حتى ان خلاف شريكي الانقلاب (صالح الحوثي) بدا من تلك اللحظة حول الذهاب لإعلان دستوري يكرس هيمنة الحوثي او الذهاب للبرلمان حيث الأغلبية لفريق صالح، وهو ما انتهى في دسيمبر2017م وحسم لمصلحة الحوثي وخروج جماعة صالح من حكومة الامر الواقع في صنعاء في طريقها لترتيب موطئ قدم في حكومة اتقاف الرياض حاليا، من خلال اجندة جماعة انقلابية أخرى تتشارك معها (الراعي والكفيل).

نعود للمقارنات التي نوهنا لسياقاتها في مقدمة المقال حول شخوص تلك المرحلة والمرحلة الحالية التي لم تتغير كثيرا الا بما يقلص نفوذ هادي لمصلحة لاعبين جدد (متعددين ظاهرا) متفقين واقعا.

وهذا الانكماش في سلطات هادي ومساحة مناورته تلخصه مقولة (صاحب ابين) التي اطلقها عفاش في سياق التحريض المناطقي ضده سابقا، لكنها بفعل التداعيات في الصراع الجنوبي الجنوبي لم تعد تصدق -تلك المقولة - حتى على ابين ذاتها مسقط راس هادي، حيث يحشر الانتقالي بنفَس مناطقي الرئيس هادي في زاوية ضيقة من خلال محاولة اثبات تمثيل كل الجنوب بما فيه (صاحب ابين).

وهذا سبب رئيسي لمواصلة كتائب الحرس الرئاسي القتال في شقرة وامكلاسي  لتكريس حضور الرئيس في الحكومة القادمة بوزن حضور الانتقالي فيها كحد ادنى.

فمن خلال مساعي ابوظبي لتشكيل حكومة محاصصة حزبية ومناطقية، اصبح الرئيس يناور في حدود الوزارات السيادية التي يتنافس حولها مع رئيس الحكومة المكلف الذي يحرص بدوره على طبع الحكومة بلمسة خاصة به تمكنه من قيادتها بسلاسة في المستقبل، حتى لا يبقى -رئيس الحكومة- تحت رحمة المماحكات الحزبية والرغبات الرئاسية التي كانت سبب فشل الحكومة الحالية رغم الدعم السعودي اللامحدود لها حسب تفسير رئيس الحكومة المكلف، والذي يبذل جهودا جبارة لتجاوز كل هذه العقبات امام اعلان الحكومة متجاوزا (الشق الأمني)، وهذي معضلة أخرى، إذ يرى الدكتور معين عبدالملك ان الضمانات السعودية تكفي لعدم تكرار سيناريو اتفاق السلم والشراكة والمجلس الانتقالي شريك (موثوق به) معتمدا على تطمينات ابوظبي، فالانتقالي الجنوبي تشكيل سياسي مدني، يمكن ان يناضل سلميا من اجل قضية (شعب الجنوب) من خلال أدوات ومؤسسات الدولة، والحكومة احد هذه الميادين للنضال السلمي بدلا عن تحريك الشارع، متجاهلا ما يجري في شقرة وامكلاسي، فتلك معركة (صاحب ابين) لا معركة الحكومة اليمنية. 

سيصبح الانتقالي شريك بنصف الحكومة في الرياض، واذا عادت الى عدن ستصبح تحت قيادة ووصاية المجلس الانتقالي، ما يعني ان المحافظات الجنوبية ستكون تحت السلطة الادارية للامارات، وهنا يحضر السؤال الكبير والمهم؛ ماذا بقي للسلطة الشرعية والرئيس هادي؟!

صحيح ان هناك تداخل وشخصنة لمعاركنا الوطنية وكأن الرئيس هادي جزء من هذا السياق المناطقي لحلحلة القضية من حين انتخابه، لكن في ظل غياب الموقف الوطني الواضح للحكومة من قضيتين أساسيتين (الامامة والانفصال) يتم تعويم المشروع الوطني الذي يقاتل الجيش الوطني من اجل تحقيقه، وتناضل النخبة السياسية للحفاظ على الموقف الدولي الداعم له، وحشد الدعم الإقليمي المناصر لقضية اليمن كدولة سقطت في براثن المليشيات والفوضى. 

المجتمع اليمني في معظمه يتطلع لحكومة قوية تمثل المشروع الوطني بكل تنوعه. ولكن التنوع الذي يزجي وحدته الوطنية ويعزز سيادة دولته، لكن اكثر المتشائمين يرون في الدكتور معين عبدالملك نسخة باهته من سلفه بحاح، سيحمل حقيبته ليستقر بجوار بحاح في ابوظبي غير عابئ بمصير الشعب في حال محاصرة ابوهمام لمعاشيق مجددا وهذا السيناريو الأقرب في ظل كل هذه المعطيات.