بدأت قصة عالية إبنة محافظة إب قبل 13 عام حين أنجبت طفلها الأول “سام” بعد مرور ثلاث سنوات على زواجها من إبن عمها.
آنذاك لم تكن تعلم عالية بأهمية فحوصات ما قبل الزواج, لكنها أدركت بعد أوجاع استمرت لسنوات ــ وما تزال ـــ بسبب زواج الأقارب وعدم إجراء فحوصات ما قبل الزواج
يعانــي آلاف الأطفــال اليمنيين مــن الأمراض المرتبطــة بزواج الأقــارب في ظل عزوف الكثيريــن عن الفحص الطبــي قبل الزواج لأســباب متعلقــة بالأمية الصحيــة، وحرص الكثير من الأســر على «تزويــج» الأبناء من المحيط العائلي.
تزوجــت عاليــة عبد الناصــر “34 عامــا” - بحافظــة إب قبل 14 عامــا من ابن عمها الــذي يكبرها بأربع ســنوات، دون أن يخضعا لأي فحــص طبي خاص بالأمــراض الوراثية التي قد تؤثر علــى الأطفال، وبعد زواجهما بثلاث ســنوات رزقا بطفلهما الأول “سام” في الثالثة عشرة من عمره الذي أثبتت الفحوصات الطبية بأنه يعاني من ضمور في الدماغ.
في حديثهــا للمجلــة الطبية تصف عاليــة رحلة علاج ابنها بأنها “ مضنية ومؤلمة” اســتنزفت جهود وأموال والده دون أن تحقــق أي نتائــج إيجابيــة، إذ لا يــزال طفلهــا يعاني من الإعاقــة التــي حرمته مــن التعليم وهذه خســارة كبرى، حد قولها.
وأفــادت بــأن الأطبــاء أكــدوا لهــم أن المــرض وراثي وأن علاجه شبه مســتحيل، لكنها تحاول أن تتعايــش مــع الوضــع، والتزمــت الأســرة بتوفيــر الأدويــة والعمــل بالنصائــح الطبيــة بجدية متمنيــة ألا تصاب ابنتهمــا ذات الـــ 5 أعــوام بــأي أذى، لكنها تخشى ظهور الأعراض في أي وقت.
لم تكن أســرة عالية سوى واحدة من آلاف الأسر التــي تعيــش معانــاة مــع الأمــراض الوراثيــة في مختلــف المــدن والقرى اليمنيــة الناتجة عن زواج الأقارب. أخصائــي المختبــرات الطبية - الدكتــور عمر عمران - أكــد أن أكثر الأمــراض الناتجة عن زواج الأقارب في اليمن هو “الثلاسيميا” وهو مرض وراثي ولا توجد أسباب أخرى للإصابة بهذا المرض.
وبحســب تصريــح الدكتور عمران للمجلــة الطبية فإن أهم الفحوصات التي يتم إجراؤها لمعرفة الأمراض الناتجة عن زواج الأقارب هو فحص electrophoresis Hb ، ومدة الفحص تســتغرق 24 ساعة تقريباً، أما سعره فهو متفاوت من مختبر إلى آخر.
فحوصات قبل الزواج أوضــح الدكتــور محمــد عجــلان استشــاري الأمــراض الســريرية وأمــراض الــدم بــأن فحوصــات مــا قبــل الزواج هــي مجموعــة مــن الفحوصــات المخبرية التــي تجرى على عينة من الدم وعينة من سوائل الجسم الآخر, مثل السائل المنــوي, ويجب أن يجريها الأشــخاص المقبلــون على الزواج بهــدف الكشــف عن الأمــراض الجينية التي قــد تنتقل إلى الأطفال في حال الزواج . الدكتور عجلان جميع الأهالي إلى إجراء الفحوصات الطبيــة اللازمــة قبــل الزواج بمدة لا تقل عن ثلاثة أشــهر، وقــال “ من الضروري إجــراء الفحوصات الطبية المتعارف عليهــا عالميــا قبــل الــزواج اجراءات هامــة لبنــاء العلاقات العاطفية والصحية والأسرية.
وفي حديثــه للمجلــة الطبيــة أشــار الدكتور عجــلان إلى أن الــزواج الصحي هو حالة التوافق والانســجام بين الزوجين مــن النواحي الصحيــة والنفســية والبدنيــة والاجتماعية والشــرعية بهدف تكوين أســرة سليمة وضمان إنجاب أطفال أصحاء.
وحدد الدكتور محمد عجلان ستة فحوصات مخبرية هامة يجب إجراؤها قبل الزواج تبدأ باختبار فيروس نقص المناعة البشرية، والفحوصات الخاصة بالأمراض المنتقلة جنسيا، كالزهري والسيلان، والثآليل، والتهاب المهبل الجرثومي، بالاضافة إلى فحص مرض الخلايا المنجلية وأنيميا الشرق الاوسط (الثلاسيميا) بواسطة فحص العزل الكهربائي للهيموغلوبين وهي حالة طبية مزمنة موهنة تنتج عن وجود عيوب في خلايا الدم الحمراء وتكويناتها.
وبحسب الاستشاري فإن اختبار الخصوبة، أيضا من لفحوصات المهمة وفيه يتم تحليل السائل المنوي للرجال، واختبار الإباضة للنساء، بالاضافة إلى اختبار فصيلة الدم، والفحوصات الخاصة بالأمراض الوراثية والأمراض المزمنة المحتملة.
وأفاد الدكتور عجلان بأنه من خلال إجراء فحص ما قبل الزواج يمكن التأكد من وجود بعض أمراض الدم الوراثية والأمراض المعدية، أو عدم وجودها، ويحصل المقبل على الزواج على مشورات ّطبية ّ تبين احتمالية انتقال هذه الأمراض من طرف إلى آخر بعد الزواج، أو انتقال هذه الأمراض إلى الأبناء في المستقبل، كما تعرض لهم البدائل التي تساعدهما على التخطيط لأسرة سليمة ًصحيا، حد تعبيره.