أجرت هذا الحوار مع الشاعرة اليمنية برديس السياغى لتكشف خلاله عن جرائم الميليشيات الحوثية ضد أبناء اليمن، وخاصة ضد بنات القبائل في اليمن لقمع العواقل وكبراء الأحياء وشيوخ القبائل، أيضا تتحدث عن المشهد الثقافي والفكري الحالى.. وإلى نص الحوار: تقول برديس السياغى إنها نشأت على حب الشعر نظرا لأن والدها كان يمتلك نفس الموهبة، وارتبطت أول قصيدة لها بموقف سياسى، وقتها تأثرت بمقتل الطفل الفلسطينى محمد الدرة، فكتبت قصيدتها الأولى، وظل هاجس الشعر مترسخًا بداخلها رغم كل العقبات، وحققت عدة جوائز في مسابقات ومهرجانات، حيث تلقت دعوة لإلقاء الشعر في المناسبات الجامعية، وشاركت بنصوصها في الإذاعة والتليفزيون، كما نالت وفق حديثها عدة تكريمات من بينها شهادة تقدير من اتحاد الكتاب. "نحن تراجعنا لقرابة الـ١٠٠ عام"؛ بهذه الجملة تصف "برديس" الوضع الثقافى والتعليمى في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، وتوضح: "يؤسفنى أن يصور البعض اليمن بصورة مغلوطة أمام العالم، نحن كنا نشهد حالة ثقافية معقولة وصلت فيها المرأة لمكانة متميزة، فبات منهن السفيرة والوزيرة والطبيبة والتي تعمل في منظمات دولية. الآن الجهل مسيطر، تعطلت الجامعات، وتقرر منع الاختلاط، بالإضافة إلى اجتلاب الإيرانيات، ففى أربع سنوات حطم الحوثى ما تم بناؤه في ثلاثين عامًا".
وتستكمل "برديس" وصف الحالة الثقافية باليمن قائلة: "إن الحوثى جمع حوله عددًا من المثقفين الصعاليك، مجموعات لا وزن لها في الوسط الثقافى، لا يمتلك أحدهم قيمة فكرية وثقافية". وعن تمسكها بكتابة النصوص الشعرية التى تهاجم فيها الحوثيين، أكدت "برديس" أن الميليشيات شعرت بالضيق منها لعدة أسباب منها كتابة القصائد المنددة بوجودهم، والخروج في مظاهرات طالبت بتسليم جثة الرئيس السابق على عبدالله صالح، كما أنها تعمل في المجال الإغاثى، ويحمل ابنها اسم "جواس"، وهو اسم قاتل زعيم الحوثيين السابق في العام ٢٠٠٤، كل هذا جعلهم يشعرون بالضيق منها ويرغبون في الانتقام منها، لذا قاموا بإلقاء القبض على زوجها. تروي "برديس" أزمتها مع الحوثيين قائلة: الحوثى هددنى بالكف عن العمل الإغاثى، والتوقف عن تنظيم القصائد التى تهاجمهم، ولكننى تشجعت وواصلت، فقاموا باعتقال زوجى لمدة ثمانية أشهر ثم أبلغونى أنه مات وصلوا عليه صلاة الغائب، وامتنعوا عن تسليم جثته، لكننى رفضت ولم أصدق وفاته، وطالبتهم بالجثمان، وبعدها كلما حاولت التحرى والتأكد من حقيقة حياة زوجى صدونى". "اقتحموا بيتى ووقتها كنت مقيمة عند والدتى لكن الجيران أبلغونى فلما ذهب إلى البيت وجدته خاليًا، جردوه من كل شىء، نهبوا كل ما نمتلك حتى اللمبة قصوها وأخذوها، أى فرد من الجيران كان يُبدى اعتراضه يطلقون النار أعلى رأسه كى يرهبوه ويصمت فورا"؛ هكذا تحكى "برديس" عن المعاملة التى تعرضت لها من قبل الحوثيين وتابعت: "أوهمونا أن الدولة بها قانون ومؤسسات لكن الكل خاضع لحكم الميليشيات، فهم يعاملون من يشتكى أنه يسعى لتشويه ما يسمونها بـ"المسيرة"، اتهمونى بتكوين علاقات خارجية، وأخرجوا أبنائى الثلاثة من المدارس، وجمدوا قضيتى التى أطالب فيها بعودة زوجى". "استمعت لنصيحة البعض بالخروج من صنعاء، وخرجت إلى منطقة محررة اسمها مأرب فاتصلتْ بى قيادات حوثية كبيرة تطالبنى بالعودة"؛ أفصحت "برديس" عن محاولة الهروب هذه التى تلقت بسببها مكالمات هاتفية من الحوثيين تطالبها بالعودة، وتابعت: "هددونى إذا لم تعودى لحضن الوطن قتلنا زوجك، وجعلونى أكلمه وأسمع صوته، وفوجئت أنه ما زال حيًا وأنه بعد ثمانية أشهر لم يكن قد مات، قالوا لي: إذا رجعتى لبيتك ووطنك خرج لك زوجك. فرجعت إلى صنعاء، وقبل دخول المدينة أوقفتنى دورية لمدة ثلاث ساعات برفقة أولادى، يبلغون القيادات أننى رجعت وأبحث عن العفو العام وخروج زوجى". طلب الحوثيون من "برديس" التوجه للبحث الجنائى لمتابعة التحقيقات الخاصة بها، وهددوها، وفق حديثها، إن هى لم تأت بنفسها جاءوا هم لها، وتقول "برديس": ذكرتهم بعهود الله التى أخذوها على أنفسهم قبل مطالبتى بالعودة فقالوا إن التحقيق معى لا بد أن يتم بالرضا أو بالعنف، ولم أهتم بهذا التهديد وأخذت أبنائى وهربت داخليًا حتى لا أقع في أيديهم، تنقلت عند الأقارب من حى إلى حى، وفى هذه اللحظة كانوا يتعقبوننى، ثم حددوا مكانى في أغسطس من العام ٢٠١٩ واعتقلونى فجرًا، وطلبوا مني أن أوقع على وثيقة اعترافى بخيانة وطنى. تحدثت "برديس" عن التعذيب الذي تعرضت له داخل سجون الحوثى قائلة: "كل يوم يأخذونى للتحقيق من الرابعة عصرا حتى الثالثة فجرا، وأنا واقفة دون الجلوس مما سبب لى مشكلة كبيرة في قدمى أياما يحققون معى دون جريمة واضحة أو سبب مقنع، إحدى نساء تشكيل الزينبيات تمسكنى من شعرى وتضرب رأسى على الطاولة وتطلب مني أن أعترف بكل ما يوجه لي، وتسبب لى ذلك في مشكلة في العين حتى فقدت القرنية وبتُ محتاجة لتدخل جراحى.. في اليوم يعطوننا وجبة واحدة ولتر ماء فقط، ولى أن أذهب لدورة المياه ثلاث مرات في اليوم فقط، كانوا يربطون يدى في سلم حديدى أثناء التحقيق، تعاملوا معى بالجلسات الكهربائية حتى شعرت بشلل كامل في الذراع والقدم لمدة يوم ونصف اليوم". خلال كلامها اتهمت "برديس" مسؤولًا كبيرًا في حكومة الحوثى باغتصاب فتيات في سجون الحوثى، حيث زار السجن أكثر من مرة بصفته قاضيًا يسمى "أبو صارم" يقابل المسجونات لمواصلة التحقيق معهن، وتابعت: "لم أعلم أنه ارتكب جرائم اغتصاب إلا بعدما أخذوا فتيات له من بينهن فتاة تبلغ من العمر ١٤ عامًا، وفى المرة الثانية رفضت الذهاب إليه فكانت الزينبيات يضربنها فلما سألتها عن سبب ذلك قالت، إن القاضى أبو صارم اغتصبها، وحكت تفاصيل الواقعة معها، إن البنت التي يقع عليها العين يأخذنها فجرًا أو في الصباح لاغتصابها، وكنت أسمعهم بالخارج يتحدثون: نريد واحدة قمر ولتكن من حق فلان. وأكملت: الحوثى يأخذ بنات القبائل ويلفق لهن قضايا شرف ويغتصب بعضهن، وذلك من أجل قمع عائلاتهم، هذه الأشياء تمارس ضد الفتيات كي يكسروا قبيلتهن، هم عندما أرادوا أن يقمعوا أحد شيوخ القبائل أخذوا ابنتيه، وألقوا القبض على طبيبة واتهموها بالدعارة فكانت تقول لهم أخذتونى من بين عيادتى فكيف تتهموننى بممارسة الرذيلة، هذه الممارسات جعلت عددًا كثيرًا من الفتيات يقدمن على الانتحار للتخلص من هذه التهم المسيئة. خرجت "برديس" من اعتقال الحوثيين، وجهزوا لها مقابلات تليفزيونية لتعلن تراجعها عن مهاجمة الحوثى وتعلن انضمامها لهم، بل وتكتب القصائد الداعمة لهم، لكنها ووفق حديثها قالت إنها فرت من صنعاء قبل يومين من هذه المقابلات، موضحة أن عناصر حوثية هربتها لخارج صنعاء مقابل دفع مبلغ مالي كبير، ولما وصلت للقاهرة جاءتها رسائل تهديد. طالبت الشاعرة اليمنية جميع اليمنيين للتكاتف من أجل اجتثاث هذه الميليشيات الخطرة على كل المنطقة العربية، قائلة: في رأيى لو تم رفع العقوبات عن أحمد على صالح وفك إقامته الجبرية لوقف الشعب اليمنى خلفه مجددا لأن الملايين يدعمونه ويؤيدونه. وعن إقامتها في القاهرة قالت "برديس": "مصر بلد الأمان، عندما قررنا السفر خارج اليمن فكرنا في عدة دول، لكننى اخترت مصر لأننا نعتاد على لهجتها في المسلسلات، وهم أقرب الناس لنا، شعب يفهمنى وأفهمه، نحن لم ننس مصر من عهد جمال عبدالناصر، فهو شعب بسيط ويوجد تقارب شديد بين البلدين".
اقرأ أيضاً :
البنك المركزي يصدر تحذير عاجل وهام