بقلم :أحمد بن زيدان
هنالك شخصيات سياسية وطنية،ستظل عالقةً في أذهاننا و قلوبنا،ماحيينا،بل سيشهد بمكانتها و آثارها و قدراتها المتميّزة.. جيل بعد آخر،لماتركته من أدوار مشرِّفة و بصمات مطبوعة و إنجازات ملموسة في حياة مجتمعنا المعاصر،فضلاً عن إخلاصها في العمل و تحليها بالنزاهة و خدمة شعبها و تلمس معاناة الغلابا و المحتاجين..فهم رجال دولة،من العيار الثقيل؛كرئيس مجلس الوزراء الأسبق/فرج بن غانم-الذي يُوصف بالرجل المسطرة-و البرلماني المخضرم و المرشح الرئاسي/فيصل بن شملان و محافظ حضرموت الأسبق الشهيد/عبدالقادر هلال الذي أنجز الكثير من المكتسبات،الله يرحمهم،كأمثلة بارزة لا للحصر.. وعندما شهدنا و عايشنا العقد الإنقلابي-الكارثي الأخير تكشّفت لشعبنا معادن ساستنا-حتى اليوم-وحصحصت مواقف الكثير منها؛لسعيها لمصالحها الشخصية أو الحزبية لبعضها و انغماس بعضها الآخر في الفساد المالي أو انجذابها كدمى لأجندات خارجية إلا القليل منها أثبتت أصالة معدنها الوطني،فلم تصدأ لتلك البيئة الآسنة،بل سمت على ذلك الصدأ و لعلَّ يأتي في مقدمتهم البرلماني و السياسي الوطني الأستاذ القدير/عبدالعزيز جُباري الذي عرفته والكثير بأطروحاته النقدية الحقة و لسنوات طويلة بجلسات مجلس النواب،ليس لأخطاء أعمال الحكومة فحسب،بل أيضاً لبعض توجيهات الرئيس السابق/علي عبدالله صالح،و لم يمنعه ذلك إنتماؤه لتنظيم المؤتمر الشعبي العام- الحاكم آنذاك-وكان من المنشقين عنه مع آخرين الذين أسسوا حزبهم الجديد(تيار العدالة و البناء)،إثر أحداث عام2011م و ظل مسانداً لشرعية الرئيس/عبدربه منصور هادي و مشاركاً في حكوماته التوافقية و لما استفحل الفساد فيها و أختلفت ولاءات بعض أعضائها،تجاه القضايا المصيرية للوطن و اطالة حرب استعادة الشرعية في اليمن،الدائرة للآن،و ادراكه بتغيّر أجنداتها،كغيره من محبي وطنهم..فانبرئ ضد كل ذلك وقدّم استقالته من منصبي:نائب رئيس مجلس الوزراء-وزير الخدمة المدنية و التأمينات و قد عيّنه فخامة رئيس الجمهورية مستشاراً له ثم أُختير،بجلسات البرلمان المنعقدة بمدينة سيئون،نائبا لرئيس مجلس النواب..فظل صامداً لاستحقاقات اليمن،مناضلاً من مواقعه ضد الانقلابيين المتمردين على الدولة،منافحاً و صادحاً برفض المساس بالشأن السيادي لبلادنا من أي متجاوز لها،فتمت مهاجمته و مضايقته،هنا و هناك،فوقف لها متحدياً و منتصراً لثوابته الدينية و الوطنية فلمع صيته و زاد محبيه،كما زاد مكرهوه من العملاء و أصحاب الشرايح!! كنت متتبعاً لأدواره و مواقفه الصلبة،خلال عقدين من سيره و مسيرته المشرّفة و أغلبها تحت قبة البرلمان و في المحافل المختلفة و عبر وسائل الإعلام و شبكة التواصل الاجتماعي و لم ألتقِ به أثنائها قط إلا بالأمسِ بصحبة زملائي بقيادة مكتب مؤتمر حضرموت الجامع بالوادي و الصحراء،بمدينة سيئون خلال زيارته الميدانية،فوجدته ذاك القيادي الوطني الصامد و الثابت على مبادئه أمام رياح المتغيرات العاتية،كما عهدناه،خلوقاً مخلصاً و محباً لوطنه و كل شعبه،بعيداً عن العصبية الحزبية و المذهبية و المناطقية المقيتة و يسعى لرفعة و مكانة و كرامة بلادنا،أولاً و إزالة الظلم وتصحيح أي أخطاء و اختلالات أمنية و إدارية بمطالبته سرعة اشهار أقاليم اليمن الإتحادي في المناطق المحررة،كمرحلة أولى و تأسيسية،ولو بإعلان دستوري،لتنعم بالأمان و الحياة الكريمة و تسخير ثرواتها للجوانب التنموية المنشودة و يرى أن حضرموت ستكون الإقليم النموذجي و الأفضل من بينها..وأبدى لنا استنتاجه هذا من معايشته للعديد من قيادات و شخصيات و مواطني حضرموت و إعجابه الشديد بخصال وخصائص أهلها و حبهم لتجسيد دولة النظام و القانون و لم نستغرب بحديثه لنا تجديد دعوته،كأول قيادي بالدولة،لكبار المسئولين باختيار شخصية حضرمية مقتدرة و جديرة،لتتولى رئاسة الحكومة الجديدة،لكن استغرابنا و أسفنا الشديد عندما ذكر لنا اعتراض تيار سياسي ينضوي فيه حضارم!! على هذا التوجّه-الذي كان قائماً بحكومات سابقة-ويلبي أحد مطالب الحضارم بإشراكهم في احدى الرئاسات الثلاث للدولة و مؤكداً لنا سعي و جدية فخامة الرئيس/عبدربه منصور هادي و معه رئاسة و أعضاء مجلسي النواب و الوزراء لنيل حضرموت مطالبها و أنَّ التشاور قائم مع وفدها المتواجد بالرياض حول استحقاقاتها المشروعة.. و بقدر سعادتي الكبيرة،بلقائي الأول مع القيادي الوطني الأستاذ:عبدالعزيز جباري و تبادل الآراء والأفكار،لما يعتمل بساحتنا الوطنية و التجاذبات الخارجية و ابداء إعجابه لنا بوثيقة و مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع وهي متطابقة،اجمالاً،مع قناعاتي الشخصية إلا إنه بعد لقائنا به و استراحتي لهطول الأمطار الغزيرة أصابني الحزن،لما علمتُ من أحد الصحفيين المقربين له عن معاناة جباري الذي يعيش بنصف كبد إبنه التي زرعت له،قبل عشر سنوات..فسألتُ الله و قد أنزل علينا غيثه أن يحفظه و إبنه وأن يطيل عمره و عطاءه و أن يجعل ساستنا و مواقفهم،اليوم،كعبدالعزيز جباري.. اللهم آمين.