2021/02/07
انقلاب عسكري مباغت واعتقال رئيس البلاد في هذه الدولة .. وواشنطن تعلن تدخلها بشكل فوري

نفذّ الجيش البورمي الاثنين انقلاباً واعتقل أونغ سان سو تشي التي تعتبر عمليا رئيسة الحكومة المدنية، فأعلن حال الطوارئ لسنة وعين جنرالات في المناصب الرئيسية.

ودانت دول عدة الانقلاب في بورما التي انتقلت قبل عشر سنوات إلى الحكم المدني بعدما بقيت طوال نحو نصف تحت الحكم العسكري.

ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن جيش بورما الى إعادة السلطة "فورا"، متوعدا بفرض عقوبات على هذا البلد، فيما تقرر عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي الثلاثاء.

وأعلنت لندن أنها استدعت سفير بورما لـ"إدانة الانقلاب العسكري" واعتقال مدنيين خلافا للقانون بينهم الزعيمة أونغ سان سو تشي.

وسعيا منهم لتبرير هذا الانقلاب الجديد الذي سارعت عدة عواصم أجنبية إلى إدانته، ندد العسكريون بـ"مخالفات هائلة" تخللت الانتخابات التشريعية الأخيرة في تشرين الثاني/نوفمبر، وهو ما تنفيه اللجنة الانتخابية.

وحققت الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية، حزب أونغ سان سو تشي الحاكم منذ انتخابات 2015، فوزا ساحقا في الانتخابات.

وجرى الانقلاب بدون إراقة دماء، واكتفى الجيش بقطع الطرق ناشرا جنودا بأسلحتهم وآليات مدرعة حول البرلمان في العاصمة نايبيداو.

وفي رانغون، عاصمة بورما الاقتصادية، سيطر العسكريون بصورة خاصة على مقر البلدية وقطعوا الطرق المؤدية إلى المطار الدولي.

وصباح الإثنين اعتقلت أونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام في العام 1991 والبالغة 75 عاما، كما اعتقل رئيس الجمهورية وين ميينت ومسؤولون آخرون في حزبه.

وأعربت لجنة نوبل عن صدمتها لاعتقال سو تشي.

ومساء الإثنين أعلن التلفزيون الرسمي خروج 24 وزيرا وتعيين 11 وزيرا جديدا.

واستعاد وونا مونغ لوين حقيبة الخارجية التي كان تولاها في عهد الجنرال السابق ثين سين (تولى الرئاسة من العام 2011 حتى العام 2016)، وهو منصب كانت تتولاه سو تشي بصفتها الرئيسة الفعلية للحكومة.

- "الاستعداد للأسوأ" -

ومع هبوط الليل، كانت شوارع رانغون مقفرة في وقت تعاني البلاد تفشي وباء كوفيد-19 الذي أودى بأكثر من ثلاثة آلاف شخص من أصل 140 ألف إصابة. وبقيت الاتصالات معطلة فيما المصارف مغلقة حتى إشعار آخر.

ولم يخف المواطنون القلائل الذين التقتهم وكالة فرانس برس إحباطهم، وقال بعضهم "هذا أمر مقلق للغاية" و"لا أريد انقلابا عسكريا".

وجرت بعض التجمعات المؤيدة للجيش رفعت أعلاما ورددت أناشيد وطنية، غير أنها تفرقت سريعا.

ووعد الجيش في بيان نشر على فيسوك بتنظيم انتخابات "حرة وعادلة" فور رفع حال الطوارئ، غير أن بعض المواطنين بدوا متشائمين.

وقال لامين أو المخرج السينمائي البالغ من العمر 35 عاما "أخشى أن يطول الأمر أكثر (...) علينا أن نستعدّ للأسوأ".

وفيما سرت شائعات في الأيام الماضية عن احتمال حدوث انقلاب، تركت أونغ سان سو تشي رسالة إلى الشعب نشرها رئيس حزبها على مواقع التواصل الاجتماعي، تحضّ فيها على "عدم قبول" الانقلاب.

وكتبت أن الجيش يحاول "إغراق البلاد من جديد في ديكتاتورية عسكرية"، مطالبةً الشعب "بالرد بصوت واحد".

وتواردت ردود الفعل فورا من العالم.

ونددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالانقلاب وطالبت بالإفراج عن الموقوفين، وحذرت واشنطن بأنها قد تتخذ "إجراءات بحق المسؤولين".

ودعت بكين إلى تسوية الخلافات "في إطار الدستور".

وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "بشدة... بالتطورات التي تشكّل ضربة قويّة للإصلاحات الديموقراطيّة في بورما".

- تزوير بـ"الملايين" -

وكان الجيش يتحدّث منذ عدة أسابيع عن وجود أكثر من عشرة ملايين حالة تزوير في الانتخابات.

وتصاعدت المخاوف عندما أعلن قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ، الشخصيّة الأكثر نفوذاً في بورما، أنّه يمكن "إبطال" الدستور في ظلّ ظروف معيّنة.

وبحسب بيان صادر عن الجيش، أصبحت السلطات "التشريعية والإدارية والقضائية" بيد مين أونغ هلينغ، فيما أصبح الجنرال ميينت سوي رئيساً بالوكالة، وهو منصب فخري.

- "علاقة معقدة" -

وتواجه أونغ سان سو تشي انتقادات شديدة دولياً تأخذ عليها كيفية إدارتها لأزمة المسلمين الروهينغا الذين فر مئات الآلاف منهم في 2017 هربا من تجاوزات الجيش ولجأوا إلى بنغلادش المجاورة. لكنها تتمتع بشعبية كبيرة في بلادها.

في 2015، حصل حزبها على غالبية ساحقة، لكنه أرغم على تقاسم السلطة مع الجيش الذي يسيطر على ثلاث وزارات أساسية هي الداخلية والدفاع والحدود.

وقال الخبير من معهد "لاوي" في أستراليا إرفيه لومايو لفرانس برس "العلاقة بين الحكومة والعسكريين معقدة"، مضيفاً أن "هذا النظام الهجين غير الاستبدادي تماماً ولا الديموقراطي تماماً، انهار تحت وطأة تناقضاته هو نفسه".

لكن نبأ اعتقالها استدعى احتفالات في مخيمات اللاجئين الروهينغا في بنغلادش .

ومن كوتوبالونغ، أكبر مخيم للاجئين في العالم، قال فريد الله لوكالة فرانس برس "إنها سبب كل معاناتنا. لمَ قد لا نحتفل؟".

وبعدما كانت منفية لوقت طويل في إنكلترا، عادت أونغ سان سو تشي إلى بورما في 1988، وأصبحت وجه المعارضة ضد الديكتاتورية العسكرية.

وأمضت 15 عاماً قيد الإقامة الجبرية قبل أن يفرج عنها الجيش في 2010.

تم طباعة هذه الخبر من موقع وطن الغد https://watanalghad.com - رابط الخبر: https://watanalghad.com/news15270.html